أن مباركة هذه الليلة وسعادتها إنما هي بمقارنتها نوعا من المقارنة لأمور عظام من الإفاضات الباطنية الإلهية وأفاعيل معنوية كإبرام القضاء ونزول الملائكة والروح وكونها سلاما ، قال تعالى : « فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ » الدخان : ٤ ، وقال : « تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ » القدر : ٥.
ويئول معنى مباركتها وسعادتها إلى فضل العبادة والنسك فيها وغزارة ثوابها وقرب العناية الإلهية فيها من المتوجهين إلى ساحة العزة والكبرياء.
وأما السنة فهناك روايات كثيرة جدا في السعد والنحس من أيام الأسبوع ومن أيام الشهور العربية ومن أيام شهور الفرس ومن أيام الشهور الرومية ، وهي روايات بالغة في الكثرة مودعة في جوامع الحديث (١) أكثرها ضعاف من مراسيل ومرفوعات وإن كان فيها ما لا يخلو من اعتبار من حيث إسنادها.
أما الروايات العادة للأيام النحسة كيوم الأربعاء والأربعاء لا تدور (٢) وسبعة أيام من كل شهر عربي ويومين من كل شهر رومي ونحو ذلك ، ففي كثير منها وخاصة فيما يتعرض لنحوسة أيام الأسبوع وأيام الشهور العربية تعليل نحوسة اليوم بوقوع حوادث مرة غير مطلوبة بحسب المذاق الديني كرحلة النبي صلىاللهعليهوآله وشهادة الحسين عليهالسلام وإلقاء إبراهيم عليهالسلام في النار ونزول العذاب بأمة كذا وخلق النار وغير ذلك.
ومعلوم أن في عدها نحسة مشئومة وتجنب اقتراب الأمور المطلوبة وطلب الحوائج التي يلتذ الإنسان بالحصول عليها فيها تحكيما للتقوى وتقوية للروح الدينية وفي عدم الاعتناء والاهتمام بها والاسترسال في الاشتغال بالسعي في كل ما تهواه النفس في أي وقت كان إضرابا عن الحق وهتكا لحرمة الدين وإزراء لأوليائه فتئول نحوسة هذه الأيام إلى جهات من الشقاء المعنوي منبعثة عن علل وأسباب اعتبارية مرتبطة نوعا من الارتباط بهذه الأيام تفيد نوعا من الشقاء الديني على من لا يعتني بأمرها.
وأيضا قد ورد في عدة من هذه الروايات الاعتصام بالله بصدقة أو صوم أو دعاء أو قراءة شيء من القرآن أو غير ذلك لدفع نحوسة هذه الأيام كما عن مجالس ابن الشيخ ، بإسناده
__________________
(١) أوردت منها في الجزء الرابع عشر من كتاب البحار أحاديث جمة.
(٢) أربعاء لا تدور هي آخر أربعاء في الشهر.