يا حسن ما ذنب الأيام ـ حتى صرتم تتشاءمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها؟ قال الحسن : أنا أستغفر الله أبدا ، وهي توبتي يا بن رسول الله.
قال : ما ينفعكم ولكن الله يعاقبكم بذمها على ما لا ذم عليها فيه. أما علمت يا حسن ـ أن الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلا وآجلا؟ قلت : بلى يا مولاي. قال : لا تعد ولا تجعل للأيام صنعا في حكم الله. قال الحسن : بلى يا مولاي.
والروايات السابقة ـ ولها نظائر في معناها ـ يستفاد منها أن الملاك في نحوسة هذه الأيام النحسات هو تطير عامة الناس بها وللتطير تأثير نفساني كما سيأتي ، وهذه الروايات تعالج نحوستها التي تأتيها من قبل الطيرة بصرف النفس عن الطيرة إن قوي الإنسان على ذلك ، وبالالتجاء إلى الله سبحانه والاعتصام به بقرآن يتلوه أو دعاء يدعو به إن لم يقو عليه بنفسه.
وحمل بعضهم هذه الروايات المسلمة لنحوسة بعض الأيام على التقية، وليس بذاك البعيد فإن التشاؤم والتفاؤل بالأزمنة والأمكنة والأوضاع والأحوال من خصائص العامة يوجد منه عندهم شيء كثير عند الأمم والطوائف المختلفة على تشتتهم وتفرقهم منذ القديم إلى يومنا وكان بين الناس حتى خواصهم في الصدر الأول في ذلك روايات دائرة يسندونها إلى النبي صلىاللهعليهوآله لا يسع لأحد أن يردها كما في كتاب المسلسلات، بإسناده عن الفضل بن الربيع قال : كنت يوما مع مولاي المأمون فأردنا الخروج يوم الأربعاء فقال المأمون : يوم مكروه سمعت أبي الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول : سمعت المنصور يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي عليا يقول : سمعت أبي عبد الله بن عباس يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إن آخر الأربعاء في الشهر يوم نحس مستمر.
وأما الروايات الدالة على الأيام السعيدة من الأسبوع وغيرها فالوجه فيها نظير ما تقدمت إليه الإشارة في الأخبار الدالة على نحوستها من الوجه الأول فإن في هذه الأخبار تعليل بركة ما عده من الأيام السعيدة بوقوع حوادث متبركة عظيمة في نظر الدين كولادة النبي صلىاللهعليهوآله وبعثته وكما ورد : أنه صلىاللهعليهوآله دعا فقال : اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم سبتها وخميسها ، وما ورد : أن الله ألان الحديد لداود عليهالسلام يوم الثلاثاء ، وأن النبي صلىاللهعليهوآله كان يخرج للسفر يوم الجمعة ، وأن الأحد من أسماء الله تعالى.
فتبين مما تقدم على طوله أن الأخبار الواردة في سعادة الأيام ونحوستها لا تدل على أزيد