العبوس والظن بالعلم و « فاقِرَةٌ » صفة محذوفة الموصوف أي فعله فاقرة ، والفاقرة من فقره إذا أصاب فقار ظهره ، وقيل : من فقرت البعير إذا وسمت أنفه بالنار.
والمعنى : ووجوه يومئذ شديدة العبوس تعلم أنه يفعل بها فعلة تقصم ظهورها أو تسم أنوفها بالنار ، واحتمل أن يكون تظن خطابا للنبي صلىاللهعليهوآله بما أنه سامع والظن بمعناه المعروف.
قوله تعالى : « كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ » ردع عن حبهم العاجلة وإيثارها على الآخرة كأنه قيل : ارتدعوا عن ذلك فليس يدوم عليكم وسينزل عليكم الموت فتساقون إلى ربكم وفاعل « بَلَغَتِ » محذوف يدل عليه السياق كما في قوله تعالى : « فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ » الواقعة : ٨٣ والتقدير إذا بلغت النفس التراقي.
والتراقي العظام المكتنفة للنحر عن يمين وشمال جمع ترقوة ، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « وَقِيلَ مَنْ راقٍ » اسم فاعل من الرقى أي قال من حضره من أهله وأصدقائه من يرقيه ويشفيه؟ كلمة يأس ، وقيل : المعنى قال بعض الملائكة لبعض : من يرقى بروحه من الملائكة أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب.؟
قوله تعالى : « وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ » أي وعلم الإنسان المحتضر من مشاهدة هذه الأحوال أنه مفارقته للعاجلة التي كان يحبها ويؤثرها على الآخرة.
قوله تعالى : « وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ » ظاهره أن المراد به التفاف ساق المحتضر بساقه ببطلان الحياة السارية في أطراف البدن عند بلوغ الروح التراقي.
وقيل : المراد به التفاف شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا ، وقيل : التفاف حال الموت بحال الحياة ، وقيل : التفاف ساق الدنيا وهي شدة كرب الموت بساق الآخرة وهي شدة هول المطلع.
ولا دليل من جهة اللفظ على شيء من هذه المعاني نعم من الممكن أن يقال : إن المراد بالتفاف الساق بالساق غشيان الشدائد وتعاقبها عليه واحدة بعد أخرى من حينه ذلك إلى يوم القيامة فينطبق على كل من المعاني.
قوله تعالى : « إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ » المساق مصدر ميمي بمعنى السوق ، والمراد بكون السوق يومئذ إليه تعالى أنه الرجوع إليه ، وعبر بالمساق للإشارة إلى أن لا خيرة للإنسان في هذا المسير ولا مناص له عنه فهو مسوق مسير من يوم موته وهو قوله ، « إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ » حتى يرد على ربه يوم القيامة وهو قوله : « إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ »