من التنزيل شدة ، وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن ينفلت منه ـ يريد أن يحفظه فأنزل الله « لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ـ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ » قال : إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه « فَإِذا قَرَأْناهُ » يقول : إذا أنزلناه عليك « فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ » فاستمع له وأنصت « ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بيانهُ » بينه بلسانك ، وفي لفظ علينا أن نقرأه ـ فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق ـ وفي لفظ استمع ـ فإذا ذهب قرأ كما وعده الله.
وفيه ، أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله إذا أنزل عليه القرآن ـ تعجل بقراءته ليحفظه ـ فنزلت هذه الآية « لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ ».
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يعلم ختم سورة ـ حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
أقول : وروي ما في معنى صدر الحديث في المجمع ، عن ابن جبير وفي معناه غير واحد من الروايات ، وقد تقدم أن في انطباق هذا المعنى على الآيات خفاء.
وفي تفسير القمي قوله تعالى : « كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ » قال : الدنيا الحاضرة ـ « وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ » قال : تدعون « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ » أي مشرقة « إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ » قال : ينظرون إلى وجه الله أي رحمة الله ونعمته.
وفي العيون ، في باب ما جاء عن الرضا عليهالسلام من أخبار التوحيد بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال علي بن موسى الرضا عليهالسلام : في قوله تعالى : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ » يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها.
أقول : ورواه في التوحيد ، والاحتجاج ، والمجمع ، عن علي عليهالسلام ، وقد اعترض على أخذ ناظرة بمعنى منتظرة بأن الانتظار لا يتعدى بإلى بل هو متعد بنفسه ، ورد عليه في مجمع ال بيان بالاستشهاد بقول جميل بن معمر :
وإذا نظرت إليك من ملك |
|
والبحر دونك جدتني نعما |
وقول الآخر :
إني إليك لما وعدت لناظر |
|
نظر الفقير إلى الغني الموسر |
وعد في الكشاف إطلاق النظر في الآية بمعنى الانتظار استعمالا كنائيا وهو معنى حسن.