وقوله « وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً » ورود الترديد في سياق النهي يفيد عموم الحكم فالنهي عن طاعتهما سواء اجتمعا أو افترقا ، والظاهر أن المراد بالإثم المتلبس بالمعصية وبالكفور المبالغ في الكفر فتشمل الآية الكفار والفساق جميعا.
وسبق النهي عن طاعة الإثم والكفور بالأمر بالصبر لحكم ربه يفيد كون النهي مفسرا للأمر فمفاد النهي أن لا تطع منهم آثما إذا دعاك إلى إثمه ولا كفورا إذا دعاك إلى كفره لأن إثم الآثم منهم وكفر الكافر مخالفان لحكم ربك وأما تعليق الحكم بالوصف المشعر بالعلية فإنما يفيد علية الإثم والكفر للنهي عن الطاعة مطلقا لا عليتهما للنهي إذا دعا الآثم إلى خصوص إثمه والكافر إلى خصوص كفره.
قوله تعالى : « وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً » أي داوم على ذكر ربك وهو الصلاة في كل بكرة وأصيل وهما الغدو والعشي.
قوله تعالى : « وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً » من للتبعيض والمراد بالسجود له الصلاة ، ويقبل ما في الآيتين من ذكر اسمه بكرة وأصيلا والسجود له بعض الليل الانطباق على صلاة الصبح والعصر والمغرب والعشاء وهذا يؤيد نزول الآيات بمكة قبل فرض الفرائض الخمس بقوله في آية الإسراء : « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ » إسراء : ٧٨.
فالآيتان كقوله تعالى : « وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » هود : ١١٤ ، وقوله « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ » طه : ١٣٠.
نعم قيل : على أن الأصيل يطلق على ما بعد الزوال فيشمل قوله « وَأَصِيلاً » وقتي صلاتي الظهر والعصر جميعا ، ولا يخلو من وجه.
وقوله : « وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً » أي في ليل طويل ووصف الليل بالطويل توضيحي لا احترازي ، والمراد بالتسبيح صلاة الليل ، واحتمل أن يكون طويلا صفة لمفعول مطلق محذوف ، والتقدير سبحه في الليل تسبيحا طويلا.
قوله تعالى : « إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً » تعليل لما تقدم من الأمر والنهي والإشارة بهؤلاء إلى جمع الإثم والكفور المدلول عليه بوقوع النكرة في