قوله تعالى : « فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى » الفاء فصيحة وفي الكلام حذف وتقدير والأصل فأتاه ودعاه فأراه « إلخ ».
والمراد بالآية الكبرى على ما يظهر من تفصيل القصة آية العصا ، وقيل : المراد بها مجموع معجزاته التي أراها فرعون وملأه وهو بعيد.
قوله تعالى : « فَكَذَّبَ وَعَصى » أي كذب موسى فجحد رسالته وسماه ساحرا وعصاه فيما أمره به أو عصى الله.
قوله تعالى : « ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى » الإدبار التولي والسعي هو الجد والاجتهاد أي ثم تولى فرعون يجد ويجتهد في إبطال أمر موسى ومعارضته.
قوله تعالى : « فَحَشَرَ فَنادى » الحشر جمع الناس بإزعاج والمراد به جمعه الناس من أهل مملكته كما يدل عليه تفريع قوله : « فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى » عليه فإن كان يدعي الربوبية لأهل مملكته جميعا لا لطائفة خاصة منهم.
وقيل : المراد بالحشر جمع السحرة لقوله تعالى : « فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ » الشعراء : ٥٣ ، وقوله : « فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى » طه : ٦٠ وفيه أنه لا دليل على كون المراد بالحشر في هذه الآية هو عين المراد بالحشر والجمع في تينك الآيتين.
قوله تعالى : « فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى » دعوى الربوبية وظاهره أنه يدعي أنه أعلى في الربوبية من سائر الأرباب التي كان يقول بها قومه الوثنيون فيفضل نفسه على سائر آلهتهم.
ولعل مراده بهذا التفضيل مع كونه وثنيا يعبد الآلهة كما يدل عليه قوله تعالى حكاية عن ملئه يخاطبونه : « أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ » الأعراف : ١٢٧ إنه أقرب الآلهة منهم تجري بيده أرزاقهم وتصلح بأمره شئون حياتهم ويحفظ بمشيته شرفهم وسؤددهم ، وسائر الآلهة ليسوا على هذه الصفة.
وقيل : مراده بما قال تفضيل نفسه على كل من يلي أمورهم ومحصله دعوى الملك وأنه فوق سائر أولياء أمور المملكة من حكام وعمال فيكون في معنى قوله فيما حكاه الله عنه إذ قال : « وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ » الآية : الزخرف : ٥١.