وهو خلاف ظاهر الكلام وفيما قال قوله لملئه : « يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي » القصص : ٣٨ ، وقوله لموسى : « لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ » الشعراء : ٢٩.
قوله تعالى : « فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى » الأخذ كناية عن التعذيب ، والنكال التعذيب الذي يردع من رآه أو سمعه عن تعاطي مثله ، وعذاب الآخرة نكال حيث إن من شأنه أن يردع من سمعه عن تعاطي ما يؤدي إليه من المعصية كما أن عذاب الاستئصال في الدنيا نكال.
والمعنى : فأخذ الله فرعون أي عذبه ونكله نكال الآخرة والأولى وأما عذاب الدنيا فإغراقه وإغراق جنوده ، وأما عذاب الآخرة فعذابه بعد الموت ، فالمراد بالأولى والآخرة الدنيا والآخرة.
وقيل : المراد بالآخرة كلمته الآخرة ، « أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى » وبالأولى كلمته الأولى قالها قبل ذلك « ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي » فأخذه الله بهاتين الكلمتين ونكله نكالهما ، ولا يخلو هذا المعنى من خفاء.
وقيل : المراد بالأولى تكذيبه ومعصيته المذكوران في أول القصة وبالأخرى كلمة أنا ربكم الأعلى ـ المذكورة في آخرها ، وهو كسابقه.
وقيل : الأولى أول معاصيه والأخرى آخرها والمعنى أخذه الله نكال مجموع معاصيه ولا يخلو أيضا من خفاء.
قوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى » الإشارة إلى حديث موسى ، والظاهر أن مفعول « يَخْشى » منسي معرض عنه ، والمعنى أن في هذا الحديث ـ حديث موسى ـ لعبرة لمن كان له خشية وكان من غريزته أن يخشى الشقاء والعذاب والإنسان من غريزته ذلك ففيه عبرة لمن كان إنسانا مستقيم الفطرة.
وقيل : المفعول محذوف والتقدير لمن يخشى الله والوجه السابق أبلغ.
قوله تعالى : « أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها ـ إلى قوله ـ وَلِأَنْعامِكُمْ » خطاب توبيخي للمشركين المنكرين للبعث المستهزءين به على سبيل العتاب ويتضمن الجواب عن استبعادهم البعث بقولهم : « أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً » بأن