الله خلق ما هو أشد منكم خلقا فهو على خلقكم وإنشائكم النشأة الأخرى لقدير.
ويتضمن أيضا الإشارة إلى الحجة على وقوع البعث حيث يذكر التدبير العام العالمي وارتباطه بالعالم الإنساني ولازمه ربوبيته تعالى ، ولازم الربوبية صحة النبوة وجعل التكاليف ، ولازم ذلك الجزاء الذي موطنه البعث والحشر ، ولذا فرع عليه حديث البعث بقوله : « فإذا جاءت الطامة الكبرى » إلخ.
فقوله : « أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ » استفهام توبيخي بداعي رفع استبعادهم البعث بعد الموت ، والإشارة إلى تفصيل خلق السماء بقوله : « بَناها » إلخ دليل أن المراد به تقرير كون السماء أشد خلقا.
وقوله : « بَناها » استئناف وبيان تفصيلي لخلق السماء.
وقوله : « رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها » أي رفع سقفها وما ارتفع منها ، وتسويتها ترتيب أجزائها وتركيبها بوضع كل جزء في موضعه الذي تقتضيه الحكمة كما في قوله : « فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » الحجر : ٢٩.
وقوله : « وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها » أي أظلم ليلها وأبرز نهارها ، والأصل في معنى الضحى انبساط الشمس وامتداد النهار أريد به مطلق النهار بقرينة المقابلة ونسبة الليل والضحى إلى السماء لأن السبب الأصلي لها سماوي وهو ظهور الأجرام المظلمة بشروق الأنوار السماوية كنور الشمس وغيره وخفاؤها بالاستتار ولا يختص الليل والنهار بالأرض التي نحن عليها بل يعمان سائر الأجرام المظلمة المستنيرة.
وقوله : « وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها » أي بسطها ومدها بعد ما بنى السماء ورفع سمكها وسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها.
وقيل : المعنى والأرض مع ذلك دحاها كما في قوله : « عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ » وقد تقدم كلام فيما يظهر من كلامه تعالى في خلق السماء والأرض في تفسير سورة الم السجدة وذكر بعضهم أن الدحو بمعنى الدحرجة.
وقوله : « أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها » قيل : المرعى يطلق على الرعي بالكسر فالسكون وهو الكلأ كما يجيء مصدرا ميميا ، واسم زمان ومكان ، والمراد بإخراج مائها منها تفجير العيون وإجراء الأنهار عليها ، وإخراج المرعى إنبات النبات عليها