وفي أصول الكافي ، بإسناده إلى داود الرقي عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل : « وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ » ، قال : من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ـ ويعلم ما يعمله من خير أو شر ـ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال ـ فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.
أقول : يؤيد الحديث ما تقدم من معنى الخوف من مقامه تعالى.
وفيه ، بإسناده عن يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنما أخاف عليكم الاثنين : اتباع الهوى وطول الأمل ـ أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق ـ وأما طول الأمل فينسي الآخرة.
* * *
( يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦) ).
( بيان )
تعرض لسؤالهم عن وقت قيام الساعة ورد له بأن علمه ليس لأحد إلا الله فقد خصه بنفسه.
قوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها » الظاهر أن التعبير بيسألونك لإفادة الاستمرار فقد كان المشركون بعد ما سمعوا حديث القيامة يراجعون النبي صلىاللهعليهوآله ويسألونه أن يعين لهم وقتها مصرين على ذلك وقد تكرر في القرآن الكريم الإشارة إلى ذلك.
والمرسى مصدر ميمي بمعنى الإثبات والإقرار وقوله : « أَيَّانَ مُرْساها » بيان للسؤال والمعنى يسألك هؤلاء المنكرون للساعة المستهزءون به عن الساعة متى إثباتها وإقرارها؟
أي متى تقوم القيامة؟
قوله تعالى : « فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها » استفهام إنكاري و « فِيمَ أَنْتَ » مبتدأ وخبر ، و « مِنْ » لابتداء الغاية ، والذكرى كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر على ما ذكره الراغب.