طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) ).
( بيان )
تشير السورة إلى قصة نفر من الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وأقروا بأصول معارفه ، وتتخلص منها إلى تسجيل نبوة النبي صلىاللهعليهوآله ، والإشارة إلى وحدانيته تعالى في ربوبيته وإلى المعاد ، والسورة مكية بشهادة سياقها.
قوله تعالى : « قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ » أمر للنبي صلىاللهعليهوآله أن يقص القصة لقومه ، والموحي هو الله سبحانه ، ومفعول « اسْتَمَعَ » القرآن حذف لدلالة الكلام عليه ، والنفر الجماعة من ثلاثة إلى تسعة على المشهور ، وقيل : بل إلى أربعين.
والعجب بفتحتين ما يدعو إلى التعجب منه لخروجه عن العادة الجارية في مثله ، وإنما وصفوا القرآن بالعجب لأنه كلام خارق للعادة في لفظه ومعناه أتى به رجل أمي ما كان يقرأ ولا يكتب.
والرشد إصابة الواقع وهو خلاف الغي ، وهداية القرآن إلى الرشد دعوته إلى عقائد وأعمال تتضمن للمتلبس بها سعادته الواقعية.
والمعنى : يا أيها الرسول قل للناس : ( أُوحِيَ ) ـ أي أوحى الله ـ إلي أنه استمع القرآن جماعة من الجن فقالوا ـ لقومهم لما رجعوا إليهم ـ إنا سمعنا كلاما مقروا خارقا للعادة يهدي إلى معارف من عقائد وأعمال في التلبس بها إصابة الواقع والظفر بحقيقة السعادة.