قوله تعالى : « وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً » فسر الجد بالعظمة وفسر بالحظ ، والآية في معنى التأكيد لقولهم : « وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ».
والقراءة المشهورة « أَنَّهُ » بالفتح ، وقرئ بالكسر في هذه الآية وفيما بعدها من الآيات ـ اثنا عشر موردا ـ إلى قوله : « وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا » فبالفتح وهو الأرجح لظهور سياق الآيات في أنها مقولة قول الجن.
وأما قراءة الفتح فوجهها لا يخلو من خفاء ، وقد وجهها بعضهم بأن الجملة « وَأَنَّهُ » « إلخ » معطوفة على الضمير المجرور في قوله « فَآمَنَّا بِهِ » والتقدير وآمنا بأنه تعالى جد ربنا إلخ فهو إخبار منهم بالإيمان بنفي الصاحبة والولد منه تعالى على ما يقول به الوثنيون.
وهذا إنما يستقيم على قول الكوفيين من النحاة بجواز العطف على الضمير المتصل المجرور ، وأما على قول البصريين منهم من عدم جوازه فقد وجهه بعضهم كما عن الفراء والزجاج والزمخشري بأنها معطوفة على محل الجار والمجرور وهو النصب فإن قوله : « فَآمَنَّا بِهِ » في معنى صدقناه ، والتقدير وصدقنا أنه تعالى جد ربنا إلخ ، ولا يخفى ما فيه من التكلف.
ووجهه بعضهم بتقدير حرف الجر في الجملة المعطوفة وذلك مطرد في أن وأن ، والتقدير آمنا به وبأنه تعالى جد ربنا « إلخ ».
ويرد على الجميع أعم من العطف على الضمير المجرور أو على محله أو بتقدير حرف الجر أن المعنى إنما يستقيم حينئذ في قوله : « وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا » إلخ ، وقوله : « وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا » إلخ ، وأما بقية الآيات المصدرة بأن كقوله : « وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ » إلخ ، وقوله : « وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ » إلخ ، وقوله : « وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ » فلا يصح قطعا فلا معنى لأن يقال : آمنا أو صدقنا أنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله شططا ، أو يقال : آمنا أو صدقنا أنه كان رجال من الإنس يعوذون إلخ ، أو يقال : آمنا أو صدقنا أنا لمسنا السماء إلخ.
ولا يندفع الإشكال إلا بالمصير إلى ما ذكره بعضهم أنه إذا وجه الفتح في الآيتين الأوليين بتقدير الإيمان أو التصديق فليوجه في كل من الآيات الباقية بما يناسبها من التقدير.
ووجه بعضهم الفتح بأن قوله : « وَأَنَّهُ تَعالى » إلخ وسائر الآيات المصدرة بأن