المفروضة ، والمراد بإقراضه تعالى غير الزكاة من الإنفاقات المالية في سبيل الله.
وعطف الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإقراض للتلويح إلى أن التكاليف الدينية على حالها في وجوب الاهتمام بها والاعتناء بأمرها ، فلا يتوهمن متوهم سريان التخفيف والمسامحة في جميع التكاليف فالآية نظيرة قوله في آية النجوى : « فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ » المجادلة : ١٣.
وقوله : « وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً » « مِنْ خَيْرٍ » بيان للموصول ، والمراد بالخير مطلق الطاعة أعم من الواجبة والمندوبة ، و « هُوَ » ضمير فصل أو تأكيد للضمير في « تجدوه ».
والمعنى : والطاعة التي تقدمونها لأنفسكم ـ أي لتعيشوا بها في الآخرة ـ تجدونها عند الله ـ أي في يوم اللقاء ـ خيرا من كل ما تعملون أو تتركون وأعظم أجرا.
وقوله : « وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » ختم الكلام بالأمر بالاستغفار ، وفي قوله : « إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » إشعار بوعد المغفرة والرحمة ، ولا يبعد أن يكون المراد بالاستغفار الإتيان بمطلق الطاعات لأنها وسائل يتوسل بها إلى مغفرة الله فالإتيان بها استغفار.
( بحث روائي )
في تفسير القمي ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : « إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ ـ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ » ففعل النبي صلىاللهعليهوآله ذلك وبشر الناس به ـ فاشتد ذلك عليهم ـ و « عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ » وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ـ ومتى يكون الثلثان ، وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه.
فأنزل الله « إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ ـ إلى قوله ـ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ » يقول : متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية « فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ » ، واعلموا أنه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل ، ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل.
أقول : محصل الرواية أن صدر السورة توجب صلاة الليل وذيلها تنسخها ، وروي ما يقرب منه من طرق أهل السنة عن ابن عباس وغيره ، وقد تقدم ما يتعلق به في البيان السابق.