ومن هذا الفهم لأهمّية هداية الحقّ ننظر إلى اجتهاد الشيخ كمال معاش في كتابه (الحسين ريحانة النبي) حيث قدّم إضافة متواضعة لخدمة أهداف كربلاء ؛ ليكون من الحائزين لنعمة المنافحة عن هيوليّة حركته العظيمة التي وزّعت سناها على توالي القرون كما توزّع بلّورة صافية ضوء الشمس المنعكس عليها فتتداعى إليها القلوب وتشخص ناحيتها الأبصار ؛ تيمّناً بقول الرسول صلىاللهعليهوآله : (إنّما مثلُ أهلِ بيتي فيكم كمثل سفينة نوح مَنْ ركبها نجا ومَنْ تخلّف عنها هلك ـ أو غرق ـ) (١).
والمقصود في هذا القول الكريم ليس مَنْ ركبها ركوباً ماديّاً في حينها أو تخلّف عنها في ساعتها بل يشمل هذا المغزى كافّة الأجيال التالية التي تستلهم سيرة أهل البيت عليهمالسلام وتسير على هديها فتكون كمَنْ تركب سفينتها لتنجو في أيّ وقت صحت عزيمتها. ومَنْ ينافح عن مصداقيّة حركة الحسين عليهالسلام بقلمه وفكره ووجدانه بعد أربعة عشر قرناً من حدوث الملحمة يكون كمَنْ شارك فيها حقّاً باسترجاعه لمبادئها ورفضه لمنطق الهدم وبذلك يكون بمقياس المعنى النبوي المقصود مشاركاً كالقاسم وأخيه العباس وإخوته وآل عقيل وعابس والحجّاج وسويد وبرير والحرّ وكلّ الذين جاهدوا جهاداً ماديّاً إلى جانب الحسين عليهالسلام وسقوا غرسه الشهادة في صحراء كربلاء بدمائهم الزكية. وقد أخرج ابن ماجة وأبو يعلى عن الحسين عليهالسلام قوله : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ما من مسلم تُصيبه مصيبة وإن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعاً إلاّ أعطاه الله ثواب ذلك».
والمؤلّف الشيخ كمال يهدي سطوره المتواضعة إلى مَنْ تربته جُعلت للشفاء إلى مَنْ نظر إليه الرسول صلىاللهعليهوآله ففاضت عيناه بالدموع ويؤكّد في مقدّمته حقيقة خالدة بقوله : إنّ الإمام الحسين عليهالسلام لم يكن رجل حرب أو مجرّد بطل مواقف
_________________
(١) كنزل العمال : ج ١٢ ص ٩٨ ح ٣٤١٦٩ مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ١٠٤.