الإمامة هي امتداد النبوّة وكما أنّ النبوّة منصب عظيم من قبل الله تعالى كذلك الإمامة فلا بدّ أن تحمل الإمامة شرائط النبوّة لكلّ مَنْ تصداها والتي منها العصمة. وقد ذهبت الإماميّة إلى أنّ الأئمّة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش من الصغر إلى الموت عمداً وسهواً ؛ لأنّهم حفظة الشرع والقوّامون به حالهم في ذلك كحال النبي صلىاللهعليهوآله ؛ ولأنّ الحاجة إلى الإمام إنّما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم ورفع الفساد وحسم مادّة الفتن وأنّ الإمام لطف من قبل الله تعالى ليمنع القاهر من التعدّي ويحمل الناس على فعل الطاعات واجتناب المحرّمات. وذهب أهل السنّة إلى جواز إمامة الفسّاق والعصاة والسرّاق كما قال الزمخشري وهو من أفضل علمائهم فأيّ عاقل يرضى لنفسه الانقياد الديني والتقرّب إلى الله تعالى بامتثال أوامر مَنْ كان يفسق طول وقته وهو غائص في المعاصي وأنواع الفواحش؟!(١).
وقد أشار الله تعالى في كتابه إلى عصمة الإمامة : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ
____________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٣ «بتصرّف». أنظر التمهيد للباقلاني : ص ١٨٦ : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه الاموال ... ولايجب الخروج عليه ، واحتجوا بالأخبار عن النبي وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة إن جاروا ... وصلوا وراء كل بر وفاجر ... أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ؛ وصحيح مسلم : ج ٦ ، ص ٢٠ ، كتاب الإمارة ، ط دار الفكر ، وشرح صحيح مسلم للإمام النووي : ج ١١ و ١٢ ، ص ٤٧٨ ح ١٨٤٧ ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين ، وصحيح البخاري : المجلد ٣ ، ج ٩ ، ص ٧٨ ، كتاب الأحكام ، ط بيروت دار إحياء التراث العربي.