بنت عمرو أن يأتيه فأبى فقالت : سبحان الله! أيبعث إليك ابن بنت رسول الله فلا تأتيه؟! فصار إليه ثمّ انصرف إلى رحله قال لامرأته : أنت طالق فالحقي بأهلك ؛ فإنّي لا أُحبّ أن يُصيبك بسببي إلاّ خير ثمّ قال لأصحابه : مَنْ أحبّ منكم أن يتبعني وإلاّ فإنّه آخر العهد وصار مع الحسين(١).
هذا الرجل لقد وصل به الموقف الحسيني إلى طلاق زوجته هذا هو العشق الإلهي للشهادة من أجل نصرة الإسلام فكلّ واحد منّا إمّا أن ينضمّ إلى معسكر الحسين عليهالسلام أو إلى معسكر يزيد بن معاوية ؛ لأنّه صراع بين الحقّ والباطل والخير والشرّ ولا ثالث لهما أليس كذلك؟
وكان موقف الحرّ واضحاً للعيان في واقعة الطفّ يوم عاشوراء وذلك لمّا زحف عمر نحو الحسين عليهالسلام أتاه الحرّ بن يزيد فقال له : أصلحك الله أمقاتل أنتَ هذا الرجل؟ قال له : إي إي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي ... فأقبل يدنو نحو الحسين قليلاً قليلاً وأخذتْه رِعدة فقال له رجل من قومه يُقال له : المهاجر بن أَوْس : والله إنّ أمرك لمريب! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل ما أراه الآن! ولو قيل : مَنْ أشجعُ أهل الكوفة؟ لما عدوتُك. فقال له : إنّي ـ والله ـ أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ووالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرقت. ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليهالسلام فقال له : جعلني الله فداك يابن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستُك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان. والله الذي لا إله إلاّ هو ما ظننت أنّ القوم يردّون
____________________
(١) أنساب الأشراف : ج ٢ ص ٤٧٠.