عليك ما عرضتَ عليهم أبداً ولا يبلغون منك هذه المنزلة. فقلت في نفسي : لا اُبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أنّي خرجت من طاعتهم وإنّي لو سولت لي نفسي أنّهم يقتلونك ما ركبت هذا منك وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منِّي إلى ربّي ومواسياً لك نفسي حتّى أموت بين يديك أفترى ذلك لي توبة؟ قال : «نعم يتوب الله عليك ويغفر لك. ما اسمك؟». قال : أنا الحرّ بن يزيد. قال : «أنت الحرّ كما سمّتك أُمّك أنت الحرّ إن شاء الله في الدنيا والآخرة. انزل». قال : أنا لك فارساً خير منّي راجلاً اُقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري. قال الحسين عليهالسلام : «فاصنع يرحمك الله ما بدا لك».
ثمّ قال : يابن رسول الله كنت أوّل خارج عليك فأذن لي أن أكون أوّل قتيل بين يديك ؛ فلعلّي أن أكون ممّا يصافح جدّك محمّد صلىاللهعليهوآله غداً في القيامة. فقال له الحسين عليهالسلام : «إن شئت فأنت ممّن تاب الله عليه وهو التواب الرحيم» (١).
قال الراوي : هذا ما كان من أمر الحسين عليهالسلام ونزوله بأرض كربلاء وأمّا ما كان من أمر ابن زياد فإنّه أتاه رجل من عسكر الحرّ من غير علمه وقال : اعلم أيّها الأمير أن الحسين نزل في أرض كربلاء ... فعند ذلك أطلق منادياً في الكوفة : يا معشر الناس مَنْ يأت برأس الحسين فله ملك الرّي عشر سنين. وأرسل في البصرة منادياً بمثل ذلك. فقام إليه عمر بن سعد وقال : أنا آتيك برأسه. فقال له : امضِ وامنعه من شرب الماء وائتني برأسه. فقال : سمعاً وطاعة فعند ذلك عقد له الراية والإمرة على ستة آلاف فارس.
____________________
(١) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٦٣ تاريخ الطبري : ج ٤ ص ٣٢٤ ؛ مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٩.