وسار قاصداً كربلاء لقتال الإمام الحسين عليهالسلام. وهناك ينبري لنا في ميدان الطفّ موقف الحر بن يزيد الرياحي الذي سيبقى عالقاً في ذاكرة تاريخ الأحرار في العالم ؛ لِما لموقفه من أثر بالغ لفعله في النفوس حيثُ إنّ الحُرَّ تَركَ وراء ظهره زعامة قبيلته تميم ومنصبه الدنيوي فهو قائد لشرطة ابن زياد ووجيه من وجهاء الكوفة وشجعانها. لم يمتّ للإمام الحسين عليهالسلام بصلة قربى سوى الدين فتراه انحازَ لمعسكر ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ليختم حياته بنصرته والذود عن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله مضحّياً بحياته دونهم ؛ ليبقى خالداً ما بقي في الحياة نبض لقلب.
بينما نرى لعمر بن سعد موقفاً مغايراً لموقف الحرّ بالرغم من أنّ لعمر هذا صلة قرابة بالإمام الحسين عليهالسلام ولكن الدنيا أغرته فأعمت بصيرته واستسلم لها طائعاً ؛ لضعف إيمانه بالله والدين الحنيف فرضيَّ بعافيتها وقدّمها على سعادة الآخرة ؛ طمعاً بملكِ الري الذي وعده به ابن زياد فتهالَك دونه. وقاد البغاة لقتال الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء وبلغ ولوغه في الإثم أن يُحرق الخيام ويسبي عيال رسول الله صلىاللهعليهوآله ويحمل رأس الحسين على قناة إلى الكوفة ؛ أملاً في إمارة الرّي فلا بلغ مناه وأذلّه الله في الدنيا والآخرة.
وشتان ما بين موقف الحرّ العظيم في نبذة الانحراف والانصياع إلى أوامر السلطة الباغية وموقف ابن سعد الوضيع الذي تبع هوى نفسه قائلاً :
فو اللهِ ما أدري وإنّي لواقفٌ |
|
اُفكرُ في أمري على خطرينِ |
أأتركُ ملكَ الرّي والرّي مُنيتي |
|
أم أرجعُ مأثوماً بقتلِ حسينِ |