روي أنّه كان في مجلس يزيد هذا حبر من أحبار اليهود فقال : يا أمير المؤمنين مَنْ هذا الغلام؟ قال : علي بن الحسين. قال : فمَنْ الحسين؟ قال : ابن عليّ بن أبي طالب. قال : فمَنْ اُمّه؟ قال : فاطمة بنت محمّد. فقال له الحبر : يا سبحان الله! فهذا ابن بنت نبيّكم قتلتموه في هذه السرعة؟! بئسما خلفتموه في ذرّيّته! فوالله لو ترك نبيّنا موسى بن عمران فينا سبطاً لظننت أنّا كنّا نعبده من دون ربّنا وأنتم فارقتم نبيّكم بالأمس فوثبتم على ابنه وقتلتموه! سوأة لكم من اُمّة! فأمر يزيد به فوجئ بحلقه ثلاثاً فقام الحبر وهو يقول : إن شئتم فاقتلوني وإن شئتم فذروني إنّي أجد في التوراة : مَنْ قتل ذريّة نبي فلا يزال ملعوناً أبداً ما بقي فإذا مات أصلاه اللهُ نارجهنّم.
قال بعض العلماء : إنّ اليهود حرّموا الشجرة التي كان منها عصا موسى أن يخبطوا بها وأن يوقدوا منها النار ؛ تعظيماً لعصا موسى وإنّ النصارى يسجدون للصليب ؛ لاعتقادهم فيه أنّه من جنس العود الذي صُلب عليه عيسى وإنّ المجوس يعظّمون النار ؛ لاعتقادهم فيها إنّها صارت برداً وسلاماً على إبراهيم بنفسها وهذه الأمّة قد قتلت أبناء نبيّها وقد أوصى الله تعالى بمودّتهم وموالاتهم فقال عزَّ من قائل : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (١).
وخرج علي بن الحسين ذات يوم فجعل يمشي في سوق دمشق فاستقبله
____________________
فضل الشرفين: ص ٤١٣.
(١) سورة الشورى : الآية ٢٣. مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ١٠١.