يزيد : قل حتّى اسمع. فقال : إنّ بين عمان والصين بحراً مسيرته سنة ليس فيه عمران إلاّ بلدة واحدة في وسط الماء طولها ثمانون فرسخاً وعرضها كذلك وما على وجه الأرض بلدة أكبر منها ومنها يُحمل الكافور والياقوت والعنبر وأشجار العود وهي في أيدي النصارى لا ملك لأحد فيها من الملوك. وفي تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر في محرابها حقّة من ذهب معلّقة فيها حافر يقولون : إنّه حافر حمار كان يركبه عيسى وقد زُيّنت حوالي الحقّة بالذهب والجواهر والديباج والإبرسيم وفي كلّ عام يقصدها عالم من النصارى ؛ فيطوفون حول الحقّة ويزورونها ويقبّلونها ويرفعون حوائجهم إلى الله ببركتها هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنّه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم! لا بارك الله فيكم ولا في دينكم.
فقال يزيد لأصحابه : اقتلوا هذا النصراني ؛ فإنّه يفضحنا إن رجع إلى بلاده ويشنع علينا. فلمّا أحسّ النصراني بالقتل قال : يا يزيد أتريد قتلي؟
قال : نعم.
قال : فاعلم أنّي رأيت البارحة نبيّكم في منامي وهو يقول لي : يا نصراني أنت من أهل الجنّة. فعجبت من كلامه حتّى نالني هذا ؛ فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً عبده ورسوله. ثمّ أخذ الرأس وضمّه إليه وجعل يبكي حتّى قُتل» (١).
____________________
(١) مقتل الحسين للخوارزمي : ج ٢ ص ٧٢ ؛ الصواعق المحرقة : ص ١٩٨ جواهر العقدين في