وساعدهم على ذلك نموّ الصناعة الذي جذب المزيد من اليد العاملة الرخيصة ، فاجتذبت النساء إلى المعامل ، وعزلت المرأة عن بيتها وأُسرتها ، فلا وقت عندها لتوفير الحدّ الأدنى من السكن للزوج وللأولاد ولها أيضاً ، مع اختلاط بلا حدّ بالرجال الأجانب ، مع دعوة إلى تحرير الجسد من القيود الأخلاقية والدينية في المجال الجنسي.
فأدّت هذه الحركات التحريرية في الغرب إلى خلط الغث بالسمين والفاسد بالصالح ، فجعلت المرأة دمية للرجل يستغلها في المعمل ويستمتع بها جنسيّاً باسم التحرّر وإن حصلت على بعض حقوقها في الحياة المعاصرة من عمل وعلم ومشاركة ، إلاّ أنّها فقدت قيمتها وشرفها وطهارتها واُسرتها وسكنها ، فهي زوجة ولكن لا تهتم باُمور الأُسرة والأولاد ، ولا تهتم بالسكن الذي جعله الله لها نتيجة الحياة الزوجية. كما أجازوا لها أن ترافق خليلاً معها تنجب منه الأطفال من غير زواج شرعي ، وما إلى ذلك من اُمور باسم التحرّر.
وعلى هذا فيمكن لنا أن نقول : لقد حوّلوا المرأة من ظلم كانت تعاني منه إلى ظلم آخر أشدّ من الأول باسم تحريرها وإعطاء حقوقها.
وبعبارة أُخرى : أرادوا ـ ولا زالوا يحاولون ـ مساواتها بالرجل في كلّ شيء ، ولا يعبأ بالفوارق الجسمية ـ الفسلجية والسيكولوجية ـ الثابتة بين الرجل والمرأة.
ونحن إذ نقرّ لهم بمساواة المرأة للرجل من الناحية الإنسانية والحقوق الفطرية التي يهدي إليها الدين ، إلاّ أننا كمسلمين وكبشر أيضاً نخالفهم في المساواة الجسدية ، إذ نؤمن ككلّ فرد واقعي بوجود الفوارق الجسمية التي تقتضي تقسيم العمل بنحو ينسجم مع الفرق بحسب الخلقة ، وإلاّ فإذا نظرنا إلى المساواة في كلّ شيء ، فإنّ النتيجة ستكون تردي الحالة النفسية والأخلاقية للمرأة حتماً.