أقول :
١ ـ لا معنى للإشكال على النصّ القرآني لو كنّا مسلمين ، إذ يقول الله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (١) ومعنى الإطاعة هو العمل بما ثبت في القرآن والسنّة الكريمة عن أحكام الله تعالى.
وقال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ...) (٢) فإذا ثبت لدينا أنّ التشريع فيه نصّ قرآني أو نبوي ، فتكمُّ الألسن ولا يحقّ الاعتراض على ما ثبت من الدين حقيقة إن كنّا مسلمين.
٢ ـ لا يرد الاعتراض بالظلم في هذه الموارد الثلاثة المتقدّمة ، كما لا يرد الاعتراض بالظلم على صورة أخذ الاُنثى أكثر من الذكر في بعض الموارد التي ذكرناها سابقاً ; لأنّ الظلم هو عبارة عن أخذ الحقّ من صاحب الحقّ والتعدّي عليه ، وهنا لا يوجد لأيّ وارث حقّ في مال أبيه أو مال من مات ممن له علاقة معه ; لأنّ التركة التي تركها الميت هي ملك من مات ، وقد حصل عليها نتيجة عمله ونماءات أعيانه ، وقد مات ، فلا يوجد أيّ حقّ للورثة في تركة الميت.
وحينئذ إذا شرّع الله هذا التشريع فيكون قد وزّع المال الذي لا يستحقه الورثة بالكيفية التي أرادها المالك الحقيقي لكلّ ما في الوجود ، وهو الله تعالى ، دون حقّ مسبق فيها للورثة ، فهل يمكن أن يقال لهذا : إنّه ظلم للورثة؟
مثلاً إذا كان عندي كمية من المال وأردت أن اُقسّمه على جماعة في سبيل الله ، فأعطيت إلى واحد نصف المال ، وإلى آخر ربعه ، وإلى ثالث ثمنه ، وإلى رابع ثمنه الآخر ، مع عدم وجود حقّ لهم عندي ، فهل يصح أن يقال للمقسم : إنّه ظلم الثاني والثالث والرابع ; لأنّه أعطاهم أقلّ ممّا أعطى الأول؟!
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) الاحزاب : ٣٦.