الأولى : إنّها بمنزلة الحرث في تكوّن النوع الإنساني ونمائه ، فعليها يعتمد النوع في بقائه فتختص بأحكام بمثل ما يختص به الحرث ، إذن هي تمتاز عن الرجل في هذه النقطة.
الثانية : إنّ وجود المرأة يبتني على الرقّة والرأفة واللطافة (فهي ريحانة وليست قهرمانة) فتحوّل إليها الأعمال والوظائف الاجتماعية التي تنسجم مع هذه الصفات.
ولهذا قال تعالى : (وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْ عَلِيماً) (١). فالمرأة أفضل من الرجل في بعض أحكامها والرجل أفضل من المرأة في بعض أحكامه ، وقد نهى أن يتمنى كلّ قبيل ما فضّل القبيل الآخر عليه ، فالمرأة أفضل من الرجل في التربية والحضانة والرجل أفضل منها في بعض سهام الإرث.
نعم ، الرجل والمرأة مشتركان في جميع الأحكام العبادية والمعاملات والحقوق الاجتماعية والسياسية وغيرها ، باستثناء القضاء والقيادة للأُمّة (وهذا بحث موكول إلى الفقه ليس هنا مجال بحثه).
وكلّ هذه الأحكام قائمة على الفطرة قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (٢).
هكذا قرر الإسلام حقّ المرأة.
نعم ، إنّ أقوى ما تشبّث به المخالفون لسنّة تعدّد الزوجات من علماء الغرب وزوّقوه في أعين الناظرين ما هو مشهود في بيوت بعض المسلمين ، تلك البيوت المشتملة على زوجات عديدة (ضرّتان أو أكثر) فإنّ هذه البيوت لا تحتوي على حياة صالحة ولا عيشة هنيئة ، ولا تلبث الضرّتان من أوّل يوم حلّتا البيت دون أن
__________________
(١) النساء : ٣٢.
(٢) الروم : ٣٠.