ب) ثمّ لو كان هذا موجوداً على نحو الموجبة الجزئية ، فيمكن التخلّص منه بأن يجعل لكلّ زوجة سكناً خاصّاً كما هي عليه حياتنا الحاضرة ، فتزول تلك النتائج التي توصّل إليها المستشكلون.
ج) إنّ تلك الإشكالات المحدودة في بعض بيوت الضرائر إنّما ترد على المسلمين لا على الإسلام وتعاليمه ، فإنّ كثيراً من المسلمين لم يعملوا بحقيقة ما ألقته إليهم تعاليم الإسلام ، وقد فقدوا الحكومة الصالحة منذ قرون وقد تربوا على غير دين الإسلام ، فالمسلمون اليوم لا نجد في كثير من منازلهم اجتماعاً سعيداً حتّى بدون وجود ضرّة فيه ، ولعل السبب في ذلك هو تقديم شره وشهوة الرجل على أهلهم وذويهم ومجتمعهم ، وعدم الاعتناء بما يجب على الزوج من واجبات تجاه أهله وأولاده.
د) إنّ الإسلام لم يشرّع تعدّد الزوجات على سبيل الفرض والوجوب ، بل شرّعه على وجه الإباحة لحفظ المجتمع الإنساني ، وقيّده بعدل الرجل بين الضرائر ومن لم يثق بنفسه العدل فيقتصر على الواحدة (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (١).
نعم ، إذا وجد الولي أنّ التعدّد في ظرف من الظروف يشكّل فساداً في المجتمع ، فله الحقّ أن يمنع منه منعاً حكوميّاً لفترة معيّنة إلى أن تزول تلك المشاكل الناشئة من تعدّد الزوجات ، وهذا غير رفع التشريع الذي شرّعه الإسلام والذي يجب أن يكون إلى الأبد; لأنّ حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، كما جاء في الأحاديث الشريفة (٢).
هذه خلاصة ما ذكر من إشكالات على تعدّد الزوجات والإجابة عليها ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) النساء : ٣.
(٢) راجع تفسير الميزان ٢ : ٢٦٠ ، وما بعدها و ٤ : ١٧٨ ـ ١٩٤.