فآسية بنت مزاحم كانت على دين زوجها فرعون ، ولكن عندما شاهدت البيّنات في معجزة نبي الله موسى عليهالسلام أمام السحرة آمنت به ، ومع اطلاع فرعون على الأمر نهاها مراراً ، لكنّها أبت إلاّ التمسّك بالدين الإلهي وعارضت الملك والسلطة رغم التهديد بالقتل ، بل ووقوع القتل عليها كما تحدّثنا الروايات من أنّ فرعون وتّد لها أربعة أوتاد وأضجعها على ظهرها وجعل على صدرها رحى واستقبل بها عين الشمس (١).
فآسية بنت مزاحم قد حافظت على طهارتها الروحيّة ، وتحدّت ضغوط الزوج والسلطة والاغراءات التي كان يتباهى بها فرعون ، بل استصغرت تباهي فرعون حيث كان يقول : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الاَْنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) (٢) ، ولكن آسية جابهت كلّ هذا بإصرارها على قبول الحقّ والبرهان وكانت تقول : (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ).
فهذا المثال للمرأة المتديّنة يدلّ على أنّ المرأة التي هي شريكة الرجل في الإنسانية يمكنها أن تصل إلى هذه المرتبة العالية من الطهارة الروحية والتديّن الفعلي ، فتقاوم أشدّ الضغوط عليها في البيت الزوجي ، وقد وردت الروايات الدالّة على مكافأة الله سبحانه لها بعدّة اُمور (٣).
__________________
(١) راجع تفسير الميزان ، للعلاّمة الطباطبائي ١٩ : ٣٤٦.
(٢) الزخرف : ٥١.
(٣) أراها بيتها في الجنة أثناء تعذيبها ، راجع مجمع البيان ، للعلاّمة الطبرسي ٩ : ٤٧٩.
تبوأت موقعاً بين نساء العالم ، فقد جاء في رواية عن رسول الله صلىاللهعليهوآله «أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون». راجع الخصال ، للشيخ الصدوق ١ : ٢٠٥.
وأصبحت زوجة لرسول الله في الجنّة ، فقد روى الصدوق في من لا يحضره الفقيه : أنّه دخل رسول الله على خديجة وهى لما بها ، فقال لها : «بالرغم منّا ما نرى بك يا خديجة ، فإذا قدمت على ظرائرك فاقرئيهن