من الشاه صفي حاكم فارس الجديد فيكفل بذلك ميله اليه سيما وان بغداد والموصل وكركوك لاتزال في حوزة الشاه (١). وقد حذا حاكم البصرة الجديد حذو جده وابيه فلم يقطع علاقاته مع الدولة العثمانية بل ظل يعتبر تابعاً لها. وهكذا استطاع ان يواصل حكم جنوب العراق بسلام عن طريق المناورة بين فارس والدولة العثمانية. ومع ذلك لم ينس حسين باشا ضرورة تعزيز الوسائل الدفاعية في البصرة فاحاط جميع ضواحي المدينة من ناحية شط العرب بسور وانشأ في قرية مناوي (٢) الواقعة على الضفة النهر سلسلة كاملة من التحصينات تحمي الطريق إلى البصرة من جهة النهر ثم زاد من حصانة القلعة القائمة في القرنة بان انشأ فيها صفاً خارجياً ثانياً من الاسوار والخنادق وعزز الحماية الموجودة فيها ، وزاد في الوقت نفسه من عدد القوات المرتزقة في ولاية البصرة ، ولم يلبث ذلك ان اعطى ثماره المفيدة فالانتفاضة التي قامت في آسيا الصغرى والاضطرابات والبلبلة التي سادت في الامبراطورية لم يكن لها اثر بالنسبة لجنوب العراق. ومما ساعد على سلامة هذه المنطقة ايضاً ان القبائل العربية خضعت باختيارها لاسرة سياب لانها من ابناء جلدتها اكثر مما كا نت تخضع للباشوات الاتراك.
وحدث في غضون ذلك تحول جديد في وضع الدولتين الاكثر تأثيراً في مقدرات العراق الجنوبي. فقد عادت فارس مرة اخرى مسرحاً
__________________
(١) لقد جانب المؤلف الصواب هنا فالصحيح ان العثمانيين كانوا قد تمكنوا من طرد الفرس من الموصل وكركوك قبل وفاة الشاه عباس ، ثم عاد الايرانيون واستولوا على كركوك لبعض الوقت ولكنها عادت إلى سلطة العثمانيين مرة اخرى. (المترجم).
(٢) اسمها حالياً مناوي الباشا (المترجم).