اخذنا بنظر الاعتبار انه يتصرف بكل ايرادات هذه المنطقة الواسعة وهي ايرادات تصل إلى مبالغ طائلة. فايرادات الكمارك وحدها كانت تدر مبلغ لايستهان بها بسبب ازدهار التجارة بين اوروبا والهند عبر فارس وعبر البصرة وبغداد ايضاً. لقد كانت قوة الوالي العسكري تتألف من جيش تعداده اربعين الفاً اختير نصفهم من العرب ، بالاضافة إلى عدة الاف من الخدم والوصفاء والحرس الشخصي وغيرهم من الافراد الذين يخدمون لديه شخصياً. ولم يكن لبلاط بغداد في عظمته وترفه نظير في الامبراطورية ولا يمكن ان يساويه الا بلاط السلطان نفسه ، ففي بغداد البعيدة كانت توجد الوظائف ذاتها الموجودة في اسطنبول كما ان الباشا انشأ حريماً لا يكاد يختلف في شيء عن حريم السلطان ، واخيراً كان هناك ، كما هي الحال في العاصمة ، الكثيرة من الوصفاء الذين يجلبون من القفقاس ولا سيما جورجيا حيث يلتقي الذين يجلبون منها تعليماً عثمانياً يعتبر عالياً بمقاييس ذلك العصر وذلك خصيصاً لكي يتولّى مناصب مسؤولة في ولاية بغداد. وقد برز من بين هؤلاء الوصفاء فيما بعد عدد من الشخصيات المرموقة التي وصل بعضها بجهده الخاص إلى منصب والي المنطقة. وقد شُكِلَ «الديوان» أو مجلس الباشا وكذلك مكتبه على غرار ما هو قائم لدى الباب العالي بحيث ان دور الصدر الاعظم كان يقوم به في بغداد «كهية» الباشا أي مساعده ومستشاره الموثوق الاقرب. وكانت اوامر الباب العالي تناقش فقط في هذا «الديوان» لكنها نادراً ما كانت تنفذ (١). وخلاصة الامر بدا كما لو ان ولاة بغداد كان هدفهم تذكير اهاليها بالفخامة والروعة التي كان عليها بلاطهم في ايام عظمة الخلفاء العباسيين.
__________________
(١) Ritter OP. Cit. T. VII Abt. II, S, ٨١٤ FF.