المدينة إلا انه سارع بعد ان أصيب بعدة اندحارات على يد باشا بغداد إلى عقد الصلح متنازلاً للدولة العثمانية عن أرمينيا وقره باغ وجورجيا. وقد اعطى فقدان هذه الاقاليم لنادر شاه الحجة التي كان يبحث عنها منذ وقت طويل لعزل الشاه طهماسب. وبالفعل فقد قام بعزله محتجاً بعدم اهليته ونصب بدلاً منه على العرش الفارسي ابن الشاه الذي كان عمره ستة اشهر باسم عباس الثالث وعين نفسه وصياً على الشاه الجديد فأخذ بذلك زمام الامور بيده.
كان أول عمل قام به رئيس الحكومة الفارسية الجديد هو انه أرسل إلى الدولة العثمانية ، بواسطة أحمد باشا ، يهددها بالحرب اذا لم تتخل طوعاً عن الاقليم التي تنازل لها عنها الشاه طهماسب. وقد اجاب الباب العالي على نزوة نادر شاه هذه بارسال جيش قوي يتألف من قوات الانضول وقوات مصر بقيادة والي طرابزون طوبال عثمان باشا. غير ان الوصي الفارسي كان قد بدأ العمليات العسكرية ضد العثمانيين قبل وصول طوبال عثمان فاستعاد كرمنشاه في ١٧٣٣ م ثم حاصر بغداد. وقد قاومت عاصمة العباسيين السابقة الفرس بصلابة طيلة ثلاثة اشهر إلى ان تمكن طوبال عثمان الذي قدم للنجدة من ان يجتذب ، بحيلة عسكرية ، الجزء الرئيس من جيش نادر ويحطمه في معركة عنيفة ودامية. اما الجزء الذي بقي تحت اسوار بغداد فقد حطمته الحماية العثمانية المحاصرة بصولة قامت بها عليه. لكن هذا الخلاف لم يكسر اصرار نادر شاه الذي تحرك ضد بغداد مجدداً في شتاء ١٧٣٣ م وقابل في وادي مندلي ، على بعد خمسين ميلاً من بغداد ، طوبال عثمان والحق به هزيمة ساحقة. وفي هذه المعركة مات القائد العثماني الذي كان قد تقادم به العمر (١) وبعد هذا النصر
__________________
(١) Hanway : OP. Cit. T. II, Abt. IIS. ٢٥٠ ـ ٢٥٨ ، ٢٥٦ ـ ٢٧٣.