باعطائه بعض الاراضي التي كان هذا الاخير يتطلع اليها منذ زمن طويل. لقد اراد سليمان الكبير بذلك ان يعيق تحالف الكعبيين والمنتفقين لا سيما وان الشيخ ثويني كان بهذا الخصوص يجري مفاوضات مع سلمان الكعبي الذي لم يجرؤ على مد يد المساعدة إلى ابناء جلدته المنتفقيين خشية من ان يتقوى هؤلاء اكثر من اللازم. وفي هذه الاثناء وصل من اسطنبول امر يقضي باخماد الانتفاضة في الحال. ولم ينتظر ثويني هجوم قوات سليمان الكبير على البصرة بل خرج للقائهم فحدثت في تشرين الاول ١٧٨٧ عند قرية نهر عنتر على الفرات معركة خسرها الشيخ ثويني فاضطر مع بعض مقربيه إلى الهرب. وقد عين سليمان الكبير أحد الاكراد هو مصطفى بيك متسلماً جديداً كما عين اخا ثويني وهو شيخ أحمد الذي مر بناه ذكره شيخاً للمنتفقين.
وبدا ان الهدوء ساد العراق نهائياً لكن عنصراً معادياً جديداً لم يلبث ان ظهر فجأة على مسرح الاحداث ، ونعني الاكراد الذين كانوا حتى هذا الوقت يدفعون ولاة بغداد لتحرير الحملات التأديبية ضدهم لا لكونهم مثل العرب يسعون لالقاء النير العثماني عن عاتقهم بل لرفضهم تأدية الخدمة العسكرية فقط. ولا يمكن السبب في مثل هذا الخضوع الشديد من جانب الاكراد للسلطان العثماني بالمقارنة مع العرب في كون الاكراد من السنة فقط وانما يمكن ايضاً في نظام الادارة الخاص الذي اعتمد في كردستان. فقد قسمت هذه المنطقة منذ ان الحقت بالدولة العثمانية في زمن مراد الرابع (١) الى سناجق منفصلة وضع على رأسها بيكات يتولى مناصبهم بالوراثة ويتسلمون اقراراً من اسطنبول يؤكد سلطتهم. لكن تعيين هؤلاء البيكات اصبح من اختصاص ولاة بغداد منذ ان الحق والي العراق حسن
__________________
(١) الصحيح : منذ ان اعيد الحاقها بالدولة العثمانية في زمن مراد الرابع. (المترجم).