القرن الثامن عشر جميع الصحراء من نجد حتى حلب ودمشق ومن البحر الاحمر حتى الخليج الفارسي. لقد كان استيلائهم على اقليم الاحساء الواقع في الزاوية الشمالية الشرقية لشبه جزيرة العرب على قرب مباشر من البصرة ، تهديداً للعراق نفسه ولهذا فقد علق الباب العالي كل اماله في قمع الحركة الوهابية على باشا بغداد القوي سليمان الكبير.
لقد طلبت اسطنبول من سليمان الكبير في ١٧٩٦ ان يسير بالاشتراك مع امام مسقط نحو الدرعية عاصمة ابن سعود فيمحوها من على وجه الارض ، فجهز حاكم العراق بعد استعدادات طويلة جيشاً بلغ تعداده خمسة عشر الفاً تؤلف القوات التركية جزءاً منه يتألف قسمه الاغلب من القبائل العربية : الضفير وشمر والمنتفقين وسيره تحت قيادة خازنه حافظ علي باشا إلى البصرة لكي يتم استعداده نهائياً ، لكن هذه القوات لم تغادر البصرة الا في بداية ١٧٩٨ (١). لقد توجه جيش بغداد نحو الهفوف ـ المدينة الرئيسة في الاحساء بطريق الصحراء فاقترب منها بعد مسيرة صعبة استغرت اثنى عشر يوماً في منطقة جرداء لا ماء فيها. واستطاع حافظ علي باشا ان يدخل إلى المدينة فترك جنوده ينهبونها غير ان الحامية الوهابية فيها استطاعت ان تتحصن في القلعة واخذت تصدّ هجمات العثمانيين بنجاح ، ومن الناحية الاخرى استطاع الامير الوهابي رشوة محمد بيك شاوي شيخ العبيد الذي كان في عداد محاصري القلعة فتمكن بمساعدته من اطالة الحصار إلى ان نفدت المؤن لدى حافظ علي باشا فأضطر لان يبدأ انسحاباً متعجلاً وغير منظم مات في اثنائه قسم لا يستهان به من جنده
__________________
(١) J. L. Burckhardt, Notes on the Bedouins and wanabys. Vol. II, (London ١٨٣١), P. ١٨٤.