هؤلاء رفضوا بحزم فأخذ والي بغداد يعمل اعتباراً من بداية ١٨٠٦ على تحشيد قواته في خانقين بالقرب من الحدود الفارسية بنية واضحة للتوغل في فارس ، كما بدأ الامير محمد علي مرزا حاكم كرمنشاه من جانبه الاستعداد للمجابهة. وهكذا بدا أنّ الحرب بين الدولة العثمانية وفارس قائمة لامحالة.
ولم يكن باشا بغداد على ما يبدو ضد جر حكومته إلى هذه النزاع الذي قد يؤدي إلى ترسيخ وضعه في العراق لكن الباب العالي كانت له نظره مغايرة فطلب من حافظ علي باشا التخلي عن نواياه الحربية والعودة إلى بغداد فوراً. ولكن ما كاد والي بغداد يبدأ بالانسحاب من خانقين حتى عبر عبد الرحمن - الذي كان السبب في كل هذه التعقيدات - ومعه فصيل من انصاره الحدود العثمانية - الفارسية وسار باتجاه السليمانية. عند ذلك بادر والي بغداد بارسال كهيته سليمان بيك لنجدة المدينة ، ولم يكتف هذا الاخير بتحرير السليمانية بل واصل مطاردة عبد الرحمن باشا حتى عبر وهو في غمار مطاردته هذه الحدود إلى المنطقة الفارسية وهناك تحطّمت خيالته التي انهكها الانتقال السريع في اول لقاء لها مع قوات عبد الرحمن التي كانت تقل عنها كثيراً في العدد ، ووقع قائد الفصيل العثماني نفسه في الاسر حيث نقل إلى طهران ولم يعد منها إلى بغداد الا بعد ذلك بعدة اشهر (١).
في خلال ذلك واصل الوهابيون تهديد العراق وتكررت غاراتهم كثيراً على هذه المنطقة العثمانية ، وقد عانت من نهبهم بشكل خاص ضواحي البصرة التي عاش سكانها في هلع دائم على حياتهم وممتلكاتهم
__________________
(١) L. A. (* *) Histoire des Wahabis, PP ٩٦ - ٩٨, ١ ٩ FF.