فادى ذلك إلى دخول الفرس إلى كردستان العثمانية مرة اخرى وتنصيبهم محمود باشا حاكماً للسليمانية بالقوة (١). وقد بادر الباب العالي على الفور إلى استغلال فشل سعيد باشا في مجابهته للفرس فنقله من بغداد إلى منصب والي حلب.
لقد كان هذا التحول في موقف الباب العالي يعود لنفس الاسباب التي حتمت عزل سليمان الصغير وان كانت هذه الاسباب قد تعمقت اكثر في حالتنا الراهنة لكون السلطان محمود الثاني قرر تقوية سلطة الحكام المركزية عن الطريق التخلص إلى الابد من الحكام الاقطاعيين والولاة شبه المستقلين في اصقاع الامبراطورية العثماني المختلفة. ولتحقيق هذا الهدف كان على السلطان ان يزيل من طريقة جميع العناصر التي لا تخضع له ابتداءً من صغار الثوار والمتمردين وانتهاءً بالاقطاعيين وكبار الاقاليم الذين كانوا يمارسون حكماً ذاتيا واسعاً. لقد كان الاقتصاص من هذه العناصر جميعاً على درجة من القسوة بحيث ان رؤوس الذين اعدموا في مختلف انحاء الامبراطورية العثمانية كانت ترسل إلى اسطنبول على شكل اكداس وقد تركت الحكايات التي كانت تروى عنها اثاراً محسوسة على الاخبار العثمانية طيلة العقد الاول من حكم محمود الثاني (٢). وهكذا فمع اتخاذ سياسة السلطان هذا الاتجاه يصبح من المفهوم تماماً لماذا كان على باشوات بغداد ، الذين كانوا يثيرون الخوف الدائم لدى الباب العالي بسبب ما كانوا يعتقدون به من قوة واستقلال منذ عهد احمد المفهوم ايضاً لماذا عزل ابن سليمان الكبير لسبب تافه كالذي ذكرناه اعلاه. وقد رفض سعيد
__________________
(١) Von Sax, OP. Cit. s. ١٨٦.
(٢) Von Sax, OP. Cit. s. ١٧٨ - ١٧٩.