باشا عجل بالاغارة على القلعة فاستولى عليها وارسل إلى اسطنبول راس سعيد باشا ومعه الهدايا المعتادة إلى الوجهاء هناك بمناسبة تعيينه (١).
لقد ظل حكم العراق في اسرة سليمان الكبير على الرغم من انه انتقل إلى داود باشا ذلك ان اهالي بغداد كانوا يعدون الوالي الجديد - على الرغم من تصرفه الخارج على القيم العائلية تجاه سعيد باشا - ، استمراراً للعائلة المذكورة ، لكونه صهراً لسليمان الكبير. لقد اظهر داود باشا نفسه في اول مرة خاضعاً لاسطنبول ومنفذاً لاوامرها وحاول خلال ذلك ان يعزز وضعه في بغداد فقد شد القوات اليه بالنفوذ وجذب الاهالي إلى صفه بالنعم والملاينة وامن لنفسه اسناداً تاماً من جانب رجال الدين الذين كانت تربط بهم - لكونه ملا ـ علاقات واسعة (٢). واخذت شعبية داود باشا بفضل الدأب في انتهاج هذه السياسة الحكيمة تزداد من يوم لاخر بل من ساعة لاخرى ولهذا فانه لم يعد يخشى من ابني سليمان الكبير اللذين ما يزالون على قيد الحياة واللذين لم يستطيعا ان يفعلا شيئاً لصهرهما الحاذق على الرغم من ثرائهما ووجود حزب لا يستهان به من انصارهما في بغداد.
كان الوهابيون ـ العدو الاساس لحكام بغداد ـ قد كسرت شوكتهم عندما تعزز حكم داود باشا نهائياً في بغداد. فقد تخلى الباب العالي بعد حملة حافظ علي باشا في ١٨٠٥ عن امله في القضاء عليهم ، بواسطة باشوات بغداد - وقرر بعد ان صادق في ١٨٠٦ بتوسط من فرنسا على تعيين محمد علي باشا المشهور حاكماً لمصر اختياره للكفاح ضد الوهابيين (٣).
__________________
(١) Von Sax, OP. Cit. s. ١٨٦.
(٢) Wellsted, OP. Cit. vol. ٢٥٠. ١P.
(٣) Von Sax, OP. Cit. s. ١٤٤.