الطينية وادت إلى انهيارها فانطمر تحت انقاضها من ابقى عليهم المرض من السكان. وفي بداية ايار انحسرت المياه ولم يلبث ان توقف المرض هو الاخر. ولكن مع حلول الحر ادت ابخرة البرك المائية التي خلفها الفيضان ونتانة الجثث الاخذة في التفسخ في خندق المدينة إلى ظهور حمى خبيثة قاتلة كالطاعون الذي ولى (١). وبالاضافة إلى ذلك كله حلت في المدينة ، نتيجة لعدم وجود المواد الغذائية مجاعة ذهب ضحيتها عدد من السكان في الوقت الذي كانت فيه عصابات للنهب تجوب المدينة الخاوية فتدخل البيوت وتنهب الممتلكات التي ظلت دون صاحب وتجهز على المرضى الذين تصادفهم في طريقها.
لقد ظل علي رضا باشا مع جيشه ساكناً ينتظر باطمئنان نهاية هذه الكوارث التي اناخت على بغداد ولم يتحرك من حدود الباشوية الشمالية الا بعد ان انتهى الطاعون تماماً من المدينة سيئة الحظ. بعد ذلك فقط حاصرت قوات علي رضا باشا وقاسم باشا حاكم الموصل وصفوك شيخ شمر المدينة وبدأت تدك اسوارها بالمدفعية (٢). والواقع ان جنود داود باشا الذين ظلوا على قيد الحياة دافعوا عن المدينة بشجاعة لبعض الوقت ، إلى ان ادت الخيانة إلى مساعدة المهاجمين وفتحت لهم ابواب المدينة (٣) وقد تمكن داود باشا من المحافظة على حياته بفضل تنازله عن جميع كنوزه وبسبب وساطة بريطانيا فنقل مصفداً بالاغلال إلى اسطنبول وظل هناك إلى ان عفا عنه السلطان فيما بعد ومات في عام ١٨٥٠ في اثناء تأديتة فريضة
__________________
(١) Wellsted, OP. Cit. vol. l P. ٢٩٤.
(٢) Fraser, OP Cit vol. l P. ٢٦٢.
(٣) Ritter, OP. Cit. T. VII Abt. II. S. ٨٣٦ - ٨٣٧.