عن طريق قناة السويس والخليج. وهكذا سوف تخسر البصرة الكثير باعتبارها ميناء الاستيراد للعراق وغرب فارس ولن يتبقى لها الا اهميتها السابقة بالنسبة إلى الاستيراد من الهند لان ذلك الاستيراد لن يغير خط سيره القديم إلى البصرة وبغداد ولن يستخدم السكة اللهم الا للتغلغل في الاسواق السورية. اما فيما يتعلق بالتصدير فان السكة لن تحدث تغيرات جوهرية فيه وذلك لان الامل قليل وفي البداية على الاقل ، في ان تترك خامات العراق واتجاهها الحالي إلى البصرة ومنها إلى أوروبا لان تعريفة النقل بالسكك الحديد تؤلف رغم كل شيء عب ءاً لا يحتمل بالنسبة لهذه البضائع الرخيصة وأغلب الظن أن الجزء الأخير من السكة وهو الجزء الواقع بين بغداد والبصرة سوف يشارك في التصدير العراقي وذلك لان صعوبات الملاحة في الفرات ودجلة تزداد من سنة إلى اخرى نتيجة لتراكم الترسبات ولان طريق السكة الذي هو اقصر من الطريق النهري بسبب التعرجات الكثيرة التي يمتاز بها مجرى النهرين ، سيمكن مؤسس الجزء المذكور من السكة من اعتماد تعريفة النقل بواسطة السكة لا تزيد عن أجرة النقل النهري. وفي حالة تمتد السكة إلى الكويت أو إلى أي نقطة أخرى على الخليج سيكون من المتوقع تماماً أن يفضّل القسم الأغلب من الخامات المصدرة طريق السكة على الطريق النهري تجنباً للتفريع الذي لا ضرورة له في البصرة أو عند الحاجز الرملي في مصب شط العرب.
لم يبق لنا إلاّ أن نضيف إلى ما ذكرناه عن التأثير المحتمل لسكة حديد بغداد على التجارة العراقية ، القول بأن تقدير الانقلاب الذي ستحدثه السكة في الحياة الثقافية والاقتصادية لهذه المنطقة مسبقاً أمر غير ممكن ، ولكن لا يمكن إلاّ ان يكون انقلاباً كبيراً ويكفي ان نتذكر في هذا الصدد مدى التأثير المفيد الذي أحدثته السكك الحديد على مناطق نائية تشبه العراق في روسيا.