فخالفوا أمره ، وطمعوا في النّهب ، وآثروا الغنيمة في العاجلة ، ولم يفكّروا في عاقبة ذلك. ففارقوا الموضع الّذي كان النّبيّ ـ عليه السّلام ـ قد أمرهم بالكون فيه والثّبوت عنده ، وأن يدفعوا العدوّ عنهم منه إن أرادهم.
فنظر المشركون إليهم وإلى المكان الّذي كانوا فيه ، فلم يروا منهم أحدا.
فعطفوا عليهم وقتلوهم ، وهمّوا بالنّبيّ ـ عليه السّلام ـ. فنجّاه الله منهم ، ونصره عليهم ، فظفر (١) بهم وقتلهم (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً ، يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) ؛ يعني : المؤمن (٣) منهم ؛ يعني : ليلة بدر. وذلك أنّهم قاتلوا ذلك اليوم قتالا شديدا وكلّوا من الحرب ، فأرسل الله عليهم النّوم فاستراحوا ، (٤) فأذكرهم (٥) ذلك.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ [يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ) ؛] يعني : معتب بن قشير (٦) المنافق وأصحابه ، الّذين قالوا : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا).
__________________
(١) ب : وظفر.+ م : وظفره.
(٢) سقط من هنا قوله تعالى : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣)
(٣) ليس في أ.
(٤) ليس في أ.
(٥) ج زيادة : الله.
(٦) الصواب ما أثبتناه من التبيان ٣ / ٢٤ ولكن في ج ، د : مغيث بن نسير. وفي أ ، ب : معيب بن بشير. وفي م : معتب بن بشير.