وقال النضر بن شميل : معناه (بَلْ بَدا) [لعنهم] ، ثم قال (وَلَوْ رُدُّوا) إلى الدنيا (لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) من الكفر (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في قولهم : لو ردونا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا وكنا من المؤمنين.
وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)
(وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) فيه تقديم وتأخير ، وكان عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول : هذا من قولهم : لو ردوا لقالوا (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) قيل : على حكم الله [...] (١) فهم [وتكلمنا اليدين] بأمر الله (قالَ أَلَيْسَ هذا) العذاب (بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا) إنّه حق (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
أي بكفركم (قَدْ خَسِرَ) وكس وهلك (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) بالبعث بعد الموت (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) القيامة ، (بَغْتَةً) فجأة (قالُوا يا حَسْرَتَنا) ندامتنا (عَلى ما فَرَّطْنا) قصرّنا (فِيها) في الطامة ، وقيل : تركنا في الدنيا من عمل الآخرة.
وقال محمد بن جرير : الهاء راجعة إلى الصفقة ، وذلك إنه لما تبين لهم خسران صفقتهم بيعهم الإيمان بالكفر والدنيا بالآخرة ، (قالُوا : يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) ، أي في الصفقة فترك ذكر الصفقة كما يقول (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) لأن الخسران لا يكون إلّا في صفقة بيع (٢).
قال السدي : يعني على ما ضيعنا من عمل الجنة ، يدل عليه ما روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم في هذه الآية قال : «يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون : (يا حَسْرَتَنا)» [١٣١] (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ) آثامهم وأفعالهم.
__________________
(١) كلام غير مقروء.
(٢) جامع البيان : ٧ / ٢٣٦.