وقال ناجية بن كعب : قال أبو جهل للنبي صلىاللهعليهوسلم : ما نتهمك ولا نكذبك ولكن نتهم الذي جئت به ونكذبه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل : نزلت في الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي كان يكذب النبي صلىاللهعليهوسلم في العلانية فإذا خلا مع أهل بيته قال : ما محمد من أهل الكذب فلا أحسبه إلّا صادقا ، وقال للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنا لنعلم إن الذي له حق وإنه لا يمنعنا أن نتبع الهدى معك إلّا مخافة أن يتخلفنا البأس من أرضنا. يعني العرب فإنا [ثمن] (١) أكلة رأس ولا طاقة لنا بهم [١٣٢] فأنزل الله عزوجل هذه الآية (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) بأنك كاذب وساحر ومجنون (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) أي لا ينسبونك إلى الكذب ولا يقولون لك : كذبت.
وقرأ نافع والكسائي : يُكْذِبُونَكَ بالتخفيف وهي قراءة علي رضياللهعنه يعني : ولا يجدونك كاذبا ، يقول العرب : أجدبت الأرض وأخصبتها وأحييتها وأهجتها إذا وجدتها جدبة وخصبة ويعيدوا ناتجة للنبات.
قال رؤبة :
وأهيج الخلصاء من ذات البرق (٢)
أي وجدتها ناتجة للنبات.
قال الكسائي : يقول العرب : أكذبت الرسل إذا أخبرت إنه قول الكذب فرواه وكذبته إذا أجزت إنه كاذب (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [تسلية نبيه] يقولون : كذبهم قومهم كما كذبتك قريش (فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) قال الكلبي : يعني القرآن.
وقال عكرمة : يعني قوله (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) و (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) إلى قوله : (الْغالِبُونَ) وقوله : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٣) وقوله تعالى (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) (٤) العدل يعني لأخلفهما لعذابه (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) من قبل كما يقول : أصابنا من مطر أي مطر.
(وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) قال الكلبي : قال الحرث بن عامر : يا محمد ائتنا بآية كما كانت الأنبياء تأتي بها فإن أتيت بها آمنا بك وصدقناك ، فأبى الله أن يأتيهم بها فأعرضوا عنه
__________________
(١) كذا يظهر في المخطوط.
(٢) الصحاح : ١ / ٣٥٢.
(٣) سورة غافر : ٥١.
(٤) سورة المجادلة : ٢١.