وقرأ يحيى بن وثاب [وأبو رجاء] : قَدْ ضَلِلْتُ ، بكسر اللام وهما لغتان ضلّ يضلّ مثل قلّ يقلّ. وضلّ يضلّ مثل ملّ يملّ ، والأولى هي الأصح والأفصح لأنها لغة أهل الحجاز (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ) بيان وبرهان وبصيرة وحجة (مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) أي بربي (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) يعني العذاب ، نزلت في النضر بن الحرث (إِنِ الْحُكْمُ) ما القضاء (إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَ) قرأ أهل الحجاز ، وعاصم (يَقُصُّ الْحَقَ) بالصاد المشددة أي يقول الحق قالوا : لأنه مكتوب في جميع المصاحف بغير ياء ولأنه قال (الْحَقَ) فإنما يقال قضيت بالحق. وقرأ الباقون : بالضاد أي يحكم بالحق دليله قوله (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) والفصل جلب القضاء ، والقرّاء إنما حذفوا الياء للاستثقال ثم [...] كقوله (صالِ الْجَحِيمِ) (١) وقوله (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) (٢) و (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٣) (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (٤) ونحوها وحذفوا الباء من الحق لأنه صفة المصدر فكأنه يقضي القضاء الحق.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي) بيدي (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) هو العذاب (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي فرغ من العذاب وأهلكتم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ).
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (٦٢) قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (٦٦) لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) المفاتح جمع المفتح.
وقرأ ابن السميقع : مفاتيح على جمع المفتاح ، يعني ومن عنده معرفة الغيب وهو يفتح ذلك بلطفه ، واختلفوا في مفاتيح الغيب.
__________________
(١) سورة الصافّات : ١٦٣.
(٢) سورة الرعد : ٣٩.
(٣) سورة القمر : ٥.
(٤) سورة العلق : ١٨.