وقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ، فإن قومك قد فزعوا منها. فقال : «يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها» (١) [١٥٢].
فقالوا : لتكفّنّ عن شتمك آلهتنا أو لنشتمن من يأمرك. فأنزل الله تعالى (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) من الأوثان (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً).
وقرأ أبو رجاء والحسن وقتادة ويعقوب : عُدُوّا بضم العين والدال وتشديد الواو أي أعداء الله.
(بِغَيْرِ عِلْمٍ) فلما نزلت هذه الآية ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه «لا تسبوا ربهم» [١٥٣] فأمسك المسلمون عن سبّ آلهتهم.
و (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) يعني كما زيّنا لهؤلاء المشركين عبادة الأوثان وطاعة الشيطان ، الحرمان والخذلان (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) من الخير والشر والطاعة والمعصية (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ) يخبرهم ويجازيهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ).
قال محمد بن كعب القرضي والكلبي : قالت قريش : يا محمد تخبرنا بأن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فتنفجر (مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أي شيء تحبون أن آتيكم به؟».
قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا وابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم عنك أحق ما تقول أم باطل ، وأرنا الملائكة يشهدون لك أو ائتنا (بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لئن فعلت بعض ما تقولون تصدقوني» [١٥٤] قالوا : نعم والله لئن فعلت نتبعك أجمعين.
وسأل المسلمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو الله أن يجعل الصفا ذهبا ، فجاء جبرئيل عليهالسلام فقال له : إن شئت أصبح ذهبا ولكن إن لم يصدقوا عذبتهم فإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «بل يتوب تائبهم» (٢) فأنزل الله تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) يعني أوكد ما قدروا عليه من الإيمان وحدها.
قال الكلبي ومقاتل : إذا حلف الرجل بالله سبحانه فهو جهد بيمينه. (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) كما جاء من قبلهم من أمم (لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ) يا محمد (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) وهو القادر على
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ١٤٩.
(٢) تفسير الطبري : ٧ / ٤٠٦ ، وأسباب النزول للواحدي : ١٥٠.