إتيانها دوني ودون كل من خلقه. ثم قال (وَما يُشْعِرُكُمْ) وما يدريكم فحذف المفعول وما أدريكم ، واختلفوا في المخاطبين ، بقوله (وَما يُشْعِرُكُمْ) حسب اختلافهم في قراءة قوله (أَنَّها). فقال بعضهم : إن الخطاب للمشركين الذين أقسموا وتمّ الكلام عند قوله (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، ثم استأنف ، فقال : (أَنَّها) يعني الآيات (إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) حكم عليهم بأنهم لا يؤمنون.
وقرءوا : إنها بالكسر على الابتداء ، وهو في قراءة مجاهد وقتادة وابن محيصن وابن كثير وشبل وأبي عمر والجحدري.
وقال آخرون : الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وقرءوا : (أَنَّها) بالفتح وجعلوا «لا» صلة يعني وما يدريكم يا معشر المؤمنين (أَنَّها إِذا جاءَتْ) المشركين (لا يُؤْمِنُونَ) كقوله (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) (١) يعني : أن تسجد ، وقوله (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٢) يعني إنهم يرجعون. وقيل : معنى إنها : لعلها وكذلك هي قراءة أبيّ ، تقول العرب : اذهب إلى السوق إنك تشتري شيئا بمعنى لعلك تمر.
وقال عدي بن زيد :
أعاذل ما يدريك أن منيتي |
|
إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد (٣) |
يعنى : لعلّ منيّتي.
وقال دريد بن الصمة :
ذريني أطوف في البلاد لأنّني |
|
أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا (٤) |
يعني : لعلّني.
وقال أبو النجم :
قلت لسينان أدن من لقائه |
|
إنا نغدي القوم من سرائه (٥) |
أي ثعلبا تغدي.
وقرأ ابن عامر والسدي وحمزة : لا تؤمنون بالتاء على [حساب] الكفار (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، واعتبر بقراءة أبيّ : لعلكم إذا جاءكم لا يؤمنون.
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٢.
(٢) سورة الأنبياء : ٩٥.
(٣) لسان العرب : ١٣ / ٣٤.
(٤) معجم ما استعجم : ١ / ٢١٥. وفيه : لعلني ألالقي بائد ثلة من محارب ، وراجع تفسير الطبري : ٧ / ٤٠٩.
(٥) تفسير الطبري : ٧ / ٤٠٩.