وقال أهل المعاني : لم يكن من الجن رسول وإنما الرسل من الإنس خاصة وهذا كقوله تعالى (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (١) وإنما يخرج من المالح دون العذب.
وقوله (يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) (٢) وهي أيام العشر وإنما الذبح في يوم واحد من العشر فهو يوم النحر. وقوله (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) (٣) وإنما هو في سماء واحدة (قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا) أقروا (عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ * ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) أي بشرك من أشرك (وَأَهْلُها غافِلُونَ) حتى يبعث إليهم رسلا ينذرونهم. وقيل : معناه : لم يكن ليهلكهم دون البينة والتذكير بالرسل والآيات فيكون قد ظلمهم (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) يعني بالثواب والعقاب على قدر أعمالهم في الدنيا منهم من هو أشد عذابا ومنهم من هو أجزل ثوابا (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (١٣٤) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦) وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١٣٧) وَقَالُوا هَـٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠)
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُ) بعلمه (ذُو الرَّحْمَةِ) بهم (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) ثم يميتكم ويهلككم (وَيَسْتَخْلِفْ) يخلق (مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) خلقا غيركم أمثل وأطوع منكم.
وقال عطاء : يريد الصحابة والتابعين (كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) قرنا بعد قرن ، وقال مقاتل : يعني أهل سفينة نوح. وقرأ زيد بن ثابت : ذِرِّيَّةِ بكسر الذال مشدّدة.
__________________
(١) سورة الرحمن : ٢٢.
(٢) سورة الحج : ٢٨.
(٣) سورة نوح : ١٦.