(إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
روي عن قتادة : يجعل بعضهم أولياء بعض. والمؤمن ولي المؤمن والكافر ولي الكافر حيث كان.
وروى معمر عن قتادة : تبع بعضهم بعضا في النار من الموالاة.
وقيل : معناه نولي ظلمة الإنس ظلمة الجن ونولي ظلمة الجن ظلمة الإنس ، يعني نكل بعضهم إلى بعض كقوله (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى).
قال ابن زيد : نسلط بعضهم على بعض. يدل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «من أعان ظالما سلّطه الله عليه» (١) [١٥٩].
وقال مالك بن دينار : قرأت في كتب الله المنزلة : إن الله تعالى قال : أفني أعدائي بأعدائي ثم أفنيهم بأوليائي.
وروى حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : تفسيرها : هو أن الله تعالى إذا أراد بقوم خيرا ولى أمرهم خيارهم وإذا أراد بقوم شرا ولى أمرهم شرارهم.
وفي الخبر : يقول الله : إني (أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) مالك الملوك قلوبهم ونواصيهم فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشتغلوا بسبّ الملوك ولكن توبوا إلى الله تعالى يعطفهم عليكم.
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ).
قال الأعرج وابن أبي إسحاق : تأتكم بالتاء كقوله : (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ).
قرأ الباقون : بالياء كقوله تعالى (مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) (يَقُصُّونَ) يقرءون (عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) وهو يوم القيامة.
واختلف العلماء في الجن هل أرسل إليهم رسول أم لا؟ فقال عبيد بن سليمان : سئل الضحاك عن الجن هل كان فيهم مؤمن قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : ألم تسمع قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) يعني بذلك رسلا من الإنس ورسلا من الجن.
قال الكلبي : كانت الرسل قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوسلم يبعثون إلى الجن والإنس جميعا.
قال مجاهد : الرسل من الإنس. والنذير من الجن ثم قرأ (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ).
قال ابن عباس : هم الذين استمعوا القرآن وأبلغوه قومهم.
__________________
(١) الجامع الصغير : ٢ / ٥٧٤ ، ح ٨٤٧٢.