رجل زنا بعد إحصانه فعليه الرجم ، أو قتل عامدا فعليه القود ، أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل ، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ولا قتلت أحدا فاقيد نفسي ، ولا ارتدت منذ أسلمت ، إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله» [١٦٠] (١)
(ذلِكُمْ) النبيّ الذي ذكرت (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعني بما فيه صلاحه وتثميره ، وقال مجاهد : هو التجارة فيه ، وقال الضحاك : أموال يبتغي له فيه ولا يأخذ من ربحه شيئا.
وقال ابن زيد : وأن يأكل بالمعروف إن افتقر ، وإن استغنى لم يأكل ، وقال الشعبي : من خالط مال اليتيم حتّى يفصل عليه فليخالطه ، ومن خالطه ليأكل منه وليدعه حتّى يبلغ أشده.
وقال يحيى بن يعمر : بلوغ الحلم ، وقال الشعبي : الأشد الحلم حيث يكتب له الحسنات وعليه السيئات ، وقال أبو العاليّة : حتّى يعقل ويجتمع قوّته.
وقال الكلبي : الأشد ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة. وقال السدّي : هو ثلاثون سنة ثمّ جاء بعدها حتّى بلغوا النكاح.
والأشد جمع شدّ ، مثل قدّ وأقدّ ، وهو استحكام قوما لفتى وشبابه وسنه ، ومنه شد النهار وهو ارتفاعه ، يقال : أتيته شدّ النهار ومد النهار وقال الفضل بن محمد في شد بيت عنترة :
[عهدي به] شدّ النهار كأنّما |
|
خضب اللبان ورأسه بالعظلم (٢) |
وقال آخر :
تطيف به شد النهار ضعينة |
|
طويلة أنقاء اليدين سحوق (٣) |
وليس بلوغ الأشد ممّا يدع قرب ماله بغير الأحسن وقد تمّ الكلام.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [على الأبد] (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) فادفعوا إليه ماله إن كان رشيدا (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) بالعدل (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي طاقتها في إيفاء الكيل والوزن ، وقال أهل المعاني : معناه : إلّا يسعها ويحلّ لها ولا يخرج عليه ولا يضيق عنه وذلك أنّ لله تعالى من عباده أنّ كثيرا منهم ضيق نفسه عن أن يطيّب لغيره بما لا يجب عليها له فأمر المعطي بإيفاء الحق ربّه الذي هو له ويكلّفه الزيادة لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها ، وأمر صاحب الحق بأخذ حقّه ولم يكلفه الرضا بأقل منه لمّا فيه في النقصان عليه من ضيق نفسه ، فلم يكلّف نفسا منهما إلّا ما لا حرج فيه ولا يضيق عليه.
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ٣ / ٦٧.
(٢) لسان العرب : ٣ / ٢٣٥.
(٣) لسان العرب : ١٠ / ١٥٤.