الْعِقابِ) أي هذا العقاب الذي أعجلته لكم أيّها الكفّار (فَذُوقُوهُ) عاجلا (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ) في المعاد (عَذابَ النَّارِ) وفي فتح (أن) وجهان من الإعراب أحدهما الرفع والأخر النصب : فأمّا الرفع فعلى تقدير ذلكم تقديره : ذلكم فذوقوه ، وذلك أن للكافرين عذاب النار.
وأمّا النصب فعلى وجهين : أحدهما : بمعنى فعل مضمر : (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ) وأعلموا وأيقنوا (أَنَّ لِلْكافِرِينَ).
والآخر بمعنى : وما للكافرين فلما حذف الياء نصب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) أي [مخفقين] متزاحفين بعضكم إلى بعض والتزاحف التداني والتقارب.
قال الأعشى :
لمن الضغائن سيرهن زحيف |
|
عرم السفين إذا تقاذف مقذف |
والزحف مصدر ولذلك لم يجمع كقولهم : قوم عدل ورضى (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) يقول : فلا تولّوهم ظهوركم فتنهزموا عنهم ولكن اثبتوا لهم (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) ظهره وقرأ الحسن ساكنة (إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) أي متعطّفا مستطردا لقتال عدوّه بطلب عورة له تمكنه إصابتها فيكرّ عليه (١).
(أَوْ مُتَحَيِّزاً) منضمّا صابرا (إِلى فِئَةٍ) جماعة من المؤمنين يفيئون به بسهم الى القتال (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) واختلف العلماء في حكم قوله (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) الآية هل هو خاص في أهل بدر أم هو في المؤمنين جميعا.
فقال أبو سعيد الخدري : إنّما كان ذلك يوم بدر خاصة لم يكن لهم أن ينحازوا ولو
__________________
(١) تفسير الطبري : ٩ / ٢٦٥.