انحازوا إلى المشركين ، ولم يكن يومئذ في الأرض مسلم غيرهم ولا للمسلمين فيه غير النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأمّا بعد ذلك فإنّ المسلمين بعضهم فئة لبعض ممثّلة ، قاله الحسن والضحاك وقتادة.
قال يزيد ابن أبي حبيب : أوجب الله لمن فرّ يوم بدر النار.
فقال (مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) الآية. فلمّا كان يوم أحد بعد ذلك قال : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) (١) ثمّ كان يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين. فقال : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ... ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) (٢). وقال عطاء بن أبي رباح : هذه الآية منسوخة بقوله (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) (٣) الآية فليس لقوم أن يفروا من مثليهم فنسخت تلك الآية إلّا هذه العدّة.
وقال الكلبي : من قبل اليوم مقبلا أو مدبرا فهو شهيد ولكن سبق المقبل المدبر الى الجنة.
وروي جرير عن منصور عن إبراهيم قال : انهزم رجل من القادسية فأتى المدينة الى عمر.
فقال : يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف ، فقال عمر ـ رضياللهعنه ـ أنا فئتك (٤).
وقال محمد بن سيرين : لمّا قتل أبو عبيد جاء الخبر إلى عمر ـ رضياللهعنه ـ فقال لو أنحاز إليّ فكنت له فئة [فأنا فئة] كل مسلم (٥).
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عمر قال : كنّا في مصيل بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخاض الناس خيضة فانهزمنا وكنّا نفر ، قلنا نهرب في الأرض حياء ممّا صنعنا فدخلنا البيوت.
ثمّ قلنا : يا رسول الله نحن الفارون. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «بل أنتم الكرارون وإنّا فئة المسلمين» [٢٢٠] (٦).
وقال بعضهم : بل حكمنا عام في كل من ولى عن العدو وفيهم من روى ما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لبعض أهله : «[إياك والفرار] من الزحف فإن هلكوا فاثبتوا فما [...] (٧) إلّا على ارتكاب الكبائر وإلّا الشرك بالله والفرار من الزحف لأن الله تعالى يقول (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ).» الآية.
(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) الآية فقال أهل التفسير والمغازي لمّا ورد رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٥٥.
(٢) سورة التوبة : ٢٥. ٢٧.
(٣) سورة الأنفال : ٦٦.
(٤) تفسير القرطبي : ٧ / ٣٨٣.
(٥) المصدر السابق.
(٦) بدائع الصنائع : ٧ / ٩٩ ، والبداية والنهاية : ٤ / ٢٨٣.
(٧) كلام غير مقروء ولم نجده في المصادر.