بدرا قال : «هذه مصارع القوم إن شاء الله» ، فلمّا طلعوا عليه قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك ، اللهمّ إنّي أسألك ما وعدتني فأتاه جبرئيل وقال : خذ حفنة من تراب فارمهم بها» [٢٢١].
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا التقى الجمعان لعلّي رضياللهعنه : «أعطني قبضة من حصا الوادي» فناوله من حصى عليه تراب فرمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم به في وجوه القوم وقال : «شاهت الوجوه».
فلم يبق مشرك إلّا دخل في عينه وفمه ومنخريه منها شيء ثمّ ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم وكانت تلك الرمية سبب الهزيمة (١).
وقال حكيم بن حزام : لمّا كان يوم بدر سمعنا صوتا وقع من السماء كأنّه صوت حصاة وقعت في طست ورمي رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلك الرمية فانهزمنا.
وقال قتادة وابن زيد : ذكر له أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذ يوم بدر ثلاث حصيات فرمى حصاة في ميمنة القوم وحصاة في ميسرة القوم وحصاة بين أظهرهم.
وقال : «شاهت الوجوه» فانهزموا [٢٢٢] (٢).
الزهري عن سعيد بن المسيب قال : نزلت هذه الآية في قتل أبي بن كعب الجمحي. وذلك أنّه أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعظم حائل وهو يفتّه فقال : يا محمد الله يحيي هذا وهو رميم؟
فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : يحيه الله ثمّ يميتك ثمّ يدخلك النار فلمّا كان يوم بدر أسره ثمّ فدي ، فلمّا افتدي قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن لي فرسا أعلفها كل يوم [فرق] ذرة لكي أقتلك عليها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله ، فلمّا كان يوم أحد أقبل أبيّ بن خلف يركض بفرسه ذلك حتّى دنا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعترض له رجال من المسلمين ليقتلوه ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «استاخروا» [٢٢٣] ، فاستأخروا فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحربة في يده فرمى بها أبي بن خلف فكسرت الحربة ضلعا من أضلاعه فرجع أبي إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه وطفقوا يقولون : لا بأس ، فقال أبي : والله لو كانت الناس لقتلهم ، ألم يقل إني أقتلك إن شاء الله ، فانطلق به أصحابه ينعونه حتّى مات ببعض الطريق فدفنوه ففي ذلك أنزل الله هذه الآية (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) الآية (٣).
وروى صفوان بن عمرو عن عبد العزيز بن [جبير] أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم خيبر دعا بقوس
__________________
(١) تفسير الطبري : ٩ / ٢٧٠. ٢٧١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الطبقات الكبرى : ٢ / ٤٦.