قال إبراهيم : (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) وقال بعضهم : هي راجعة إلى إبراهيم وذلك أن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له رجاء إسلامه ، وهو قوله : (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) ، وقوله : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) الآية ، تدلّ عليه قراءة الحسن : وعدها أباه بالباء.
(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) [بموت أبيه] (تَبَرَّأَ مِنْهُ) وقيل : معناه : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) في الآخرة (أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) ، وذلك على ما روى في الأخبار أن إبراهيم صلىاللهعليهوسلم يقول يوم القيامة : رب والدي رب والدي ، فإذا كانت الثالثة يريه الله فيقول له إبراهيم : إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني ولست بتاركك اليوم لشيء فخذ [بحبري] فتعلق به حتى تريد الجواز على الصراط حتى إذا أراد أن يجاوزه به كانت من إبراهيم عليهالسلام التفاتة فإذا هو بأبيه في صورة ضبع ، فتخلّى عنه وتبرأ منه يومئذ وعلى هذا التأويل يكون معنى الكلام الاستقبال ، تقديره : يتبيّن ويتبرأ (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) اختلفوا في معناه ، فروى شهر بن حوشب عن عبد الله بن شداد بن الهاد مرسلا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن الأوّاه فقال : الخاشع المتضرع ، وقال أنس : تكلّمت امرأة عند النبي صلىاللهعليهوسلم بشيء كرهه فنهاها عمر رضياللهعنه فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعرض عنها فإنها أوّاهة» قيل : يا رسول الله وما الأوّاهة؟ قال : «الخاشعة» [٦٦].
وروى عبد الله بن رباح عن كعب في قول الله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) فقال : كان إذا ذكر النار قال : أوه.
وقال عبد الله بن مسعود وعبيد بن عمير : الأواه الدعّاء ، وقال الضحاك : هو الجامع الدعاء.
وروى الأعمش عن الحكم عن يحيى بن الجرار قال : جاء أبو العبيدي رجل من سواد وكان ضريرا إلى ابن مسعود قال : يا عبد الرحمن من يسأل إذا لم يسألك ، ما الأوّاه؟ فكأن ابن مسعود رق له فقال : الأواه الرحيم.
وقال الحسن وقتادة : الأواه الرحيم بعباد الله ، وقال أبو ميسرة : الأواه الرحيم يوم الحشر ، عطية عن ابن عباس الأواه المؤمن بالحبشية. علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الأواه المؤمن التواب ، مجاهد : الأواه المؤمن [الموقن ، وروي عن ......] (١) عن ابن عباس وعلي ابن الحكم عن الضحاك ، وقال عكرمة : هو المستيقن ، بلغة الحبشة ، ألا ترى أنك إذا قلت للحبشي الشيء فعرفه قال : أوّه ، ابن أبي نجيح : المؤتمن. الكلبي : الأواه : المسبح الذي يذكر الله في الأرض القفرة الموحشة ، وقال عقبة بن عامر : الأواه الكثير الذكر لله ، وروى الحكم عن الحسن بن مسلم بن [ساق] أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبح فذكر ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إنه أوّاه ، وقيل : هو الذي يكثر تلاوة القرآن.
__________________
(١) كذا في المخطوط.