(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) فيها عيب المنافقين وتوبيخهم (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) كلام مختصر تقديره نظر بعضهم في بعض وقالوا أو أشاروا (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) إن قمتم فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وإن علموا أحدا يراهم قاموا فانصرفوا (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عن الإيمان بها ، وقال الضحاك : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) يعني أطلع أحد منهم على سرائركم مخافة القتل قال الله (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الإيمان بالقرآن (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) قال ابن عباس : لا تقولوا إذا صليتم : انصرفنا من الصلاة فإن قوما انصرفوا فصرف الله قلوبهم ، لكن قولوا قضينا الصلاة (١).
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) قراءة العامة بضم الفاء أي : من نسبكم تعرفون نسبه وحسبه وأي قبيلة من العرب من بني إسماعيل. قال ابن عباس : ليس في العرب قبيلة إلّا وقد ولدت النبي صلىاللهعليهوسلم مضريها وربيعها ويمانيها (٢).
قال الصادق : لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية.
أخبرنا عبد الله بن حامد ، حدثنا حامد بن محمد. علي بن عبد العزيز. محمد بن أبي هاشم حدّثني المدني عن أبي الحويرث عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية وما ولدني إلّا نكاح كنكاح الإسلام» (٣) [٧٤] فإن الله تعالى جعله من أنفسهم ، فلا تحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة.
قرأ ابن عباس وابن ثعلبة : عبد الله بن فسيط المكي وابن محيصن والزهري مِنْ أَنْفَسِكُمْ بفتح الفاء أي من أشرفكم وأفضلكم من قولك : شيء نفيس إذا كان مرغوبا فيه. قال يمان : من أعلاكم نسبا (عَزِيزٌ) شديد (عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) ما صلة أي عنتكم وهو دخول المشقة والمضرّة عليكم. قال ابن عباس : ما ضللتم. قال الضحاك والكلبي : أثمتم ، وقال العتيبي : ما عنتكم وضرّ بكم ، وقال ابن الأنباري : ما هلكتم عليه (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي على إيمانكم وهداكم وصلاحكم ، وقال قتادة : حريص على ضالهم أن يهديه الله ، وقال الفراء : الحريص الشحيح أن تدخلوا النار.
(بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ) رفيق (رَحِيمٌ) قيل : (رَؤُفٌ) بالمطيعين (رَحِيمٌ) بالمذنبين (رَؤُفٌ) بعباده (رَحِيمٌ) بأوليائه. (رَؤُفٌ) بمن يراه (رَحِيمٌ) بمن لم يره.
قال عبد العزيز بن يحيى : نظم الآية : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز حريص
__________________
(١) تفسير الطبري : ١١ / ٩٩. ١٠١.
(٢) تاريخ دمشق : ٣ / ٩٥ ط. دار الفكر.
(٣) المعجم الكبير : ١٠ / ٣٢٩ ح ١٠٨١٢.