قال ابن عباس : الذين (أَحْسَنُوا الْحُسْنى) يعني الذين شهدوا أن لا إله إلّا الله الجنة.
وروى عطية عنه هي أن واحدة من الحسنات واحدة والزيادة التضعيف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف (١).
وروى جويبر عن الليث عن عبد الرحمن بن سابط قال : الحسنى : النظرة ، والزيادة : النظر. قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢).
وروى الحكم عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه قال : الزيادة غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة ألف باب.
مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة والزيادة (مَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) ، ابن زيد : الحسنى : الجنة والزيادة ما أعطاهم في الدعاء لا يحاسبهم به يوم القيامة.
حكى منصور بن عمار عن يزيد بن شجرة قال : الزيادة : هي أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتمطرهم من كل النوادر ، وتقول لهم : ما تريدون ان أمطركم؟ فلا يريدون شيئا إلّا مطرتهم.
(وَلا يَرْهَقُ) يغشى ويلحق (وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) غبار وهو جمع قترة. قال الشاعر :
متوج برداء الملك يتبعه |
|
موج ترى فوقه الرايات والقترا (٣) |
وقال ابن عباس وقتادة : سواد الوجوه ، وقرأ الحسن : قَتْرٌ بسكون التاء وهما لغتان كالقدر والقدر (وَلا ذِلَّةٌ) هوان ، وقال قتادة : كآبة وكسوف. قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) يجوز أن يكون الجزاء مرفوعا بإضمار أي : لهم جزاء ، ويجوز أن يكون مرفوعا بالياء ، فيجوز أن يكون ابتداء وخبره بمثلها أي : مثلها بزيادة الباء فيها كقولهم : بحسبك قول السوء.
(وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ) من عذاب الله (مِنْ عاصِمٍ) أي من مانع ، ومن صلة (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) ألبست (وُجُوهُهُمْ قِطَعاً) أكثر القراء على فتح الطاء وهو جمع قطعة ويكون «مُظْلِماً» على هذه القراءة نصبا على الحال والقطع دون النعت كأنه أراد قطع من الليل المظلم فلما حذف الألف واللام نصب. يجوز أن يكون (مُظْلِماً) صفة لقطع ـ وسط الكلام ـ كقول الشاعر :
لو أن مدحة حي منشر أحدا
وقرأ أبو جعفر والكسائي وابن كثير (قِطَعاً) بإسكان الطاء وتكون (مُظْلِماً) على هذا نعت كقوله : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) ، اعتبارا بقراءة أبيّ : كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ)
__________________
(١) تفسير الطبري : ١١ / ١٤١ / ١٤٢.
(٢) سورة القيامة : ٢٢. ٢٣.
(٣) البيت للفرزدق كما في الصحاح : ٢ / ٧٨٥.