بالتاء وذكر ذلك عن أبي بن كعب ، وقرأ الحسين ويعقوب : فلتفرحوا بالتاء خطابا للمؤمنين يدل عليه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في بعض مغازيه «لتأخذوا [مصافكم] [٨١] ويجمعون» بالياء خبرا عن الكافرين (قُلْ) يا محمد لكفار مكة (أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ) خلق الله (لَكُمْ) عبّر عن الخلق بالإنزال لأن ما في الأرض من خيراتها أنزل من السماء (مِنْ رِزْقٍ) زرع أو ضرع (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) وهو ما حرموا من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
قال الضحاك : هو قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) (١) الآية (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) في هذا التحريم والتحليل (أَمْ) بل (عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) وهو قولهم : (اللهُ أَمَرَنا بِها) (وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أيحسبون أن الله لا يؤاخذهم ولا يعاتبهم عليه (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) منّ على الناس حين لا يعجل عليهم بالعذاب بافترائهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ. وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) عمل من الأعمال ، وجمعه : شؤون ، قال الأخفش : يقول العرب ما شأنك شأنه ، أي لمّا عملت على عمل (وَما تَتْلُوا مِنْهُ) من الله (مِنْ قُرْآنٍ) ثم خاطبه وأمته جميعا فقال : (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) أي تأخذون وتدخلون فيه ، والهاء عائدة على العمل ، يقال : أفاض فلان في الحديث وفي القول إذا أبدع فيه.
قال الراعي :
وأفضن بعد كظومهن بجرة |
|
من ذي الأبارق إذ رعين حقيلا (٢) |
قال ابن عباس : (تُفِيضُونَ) تفعلون ، الحسن : تعملون ، الأخفش : تكلمون ، المؤرّخ : تكثرون ، ابن زيد : تخرصون. ابن كيسان : تنشرون. يقال : حديث مستفيض ، وقيل : تسعون.
وقال الضحاك : الهاء عائدة إلى القرآن أي تستمعون في القرآن من الكذب. قيل : من شهد شهود الحق قطعا ذلك عن مشاهدة الأغيار أجمع (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ) قال ابن عباس : فلا يغيب ، أبو روق : يبعد ، وقال ابن كيسان يذهب (٣).
وقرأ يحيى والأعمش والكسائي : يَعْزِبُ بكسر الزاء وقرأ الباقون : بالضم وهما لغتان [صحيحتان] (مِنْ مِثْقالِ) من صلة معناه وما يعزب عن ربك مثقال ذرة أو وزن ذرة [وهي النملة الحمراء الصغيرة] ، يقول العرب : [خذ] هذا ، فإنهما أثقل مثقالا وأخفها مثقالا أي وزنا (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ) قرأ الحسن وابن أبي يحيى وحمزة برفع
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٣٦.
(٢) تاج العروس : ٥ / ٧٢.
(٣) راجع تفسير القرطبي : ٨ / ٣٥٦.